السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

{ وما تفرّق الذين أوتوا الكتاب } أي : عما كانوا عليه ، وخص أهل الكتاب بالتفرق دون غيرهم وإن كانوا مجموعين مع الكافرين ، لأنهم يظنون بهم علماً ؛ فإذا تفرّقوا كان غيرهم ممن لا كتاب له أدخل في هذا الوصف . { إلا من بعد جاءتهم البينة } أي : أتتهم البينة الواضحة ، والمعنيّ به محمد صلى الله عليه وسلم أتى بالقرآن موافقاً للذي في أيديهم من الكتاب بنعته وصفته ، وذلك أنهم كانوا مجمعين على نبوته ، فلما بعث صلى الله عليه وسلم جحدوا نبوّته وتفرّقوا ، فمنهم من كفر بغياً وحسداً ، ومنهم من آمن ، كقوله تعالى : { وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم } [ الشورى : 14 ] . وقال تعالى : { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } [ البقرة : 89 ] وقد كان مجيء البينة يقتضي اجتماعهم على الحق لا تفرّقهم فيه . وقرأ حمزة وابن ذكوان بإمالة الألف بعد الجيم محضة ، والباقون بالفتح .