معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

قوله تعالى : { وترى المجرمين يومئذ مقرنين } ، مشدودين بعضهم ببعض ، { في الأصفاد } ، في القيود والأغلال واحدها صفد ، وكل من شددته شدا وثيقا فقد صفدته . قال أبو عبيدة : صفدت الرجل فهو مصفود ، وصفدته بالتشديد فهو مصفد . وقيل : يقرن كل كافر مع شيطانه في سلسلة ، بيانه قوله تعالى : { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } [ الصافات-22 ] ، يعني : قرناءهم من الشياطين . وقيل : معناه مقرنه أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد والقيود ، ومنه قيل للحبل : قرن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

يقول تعالى : { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ } وتبرز الخلائق لديَّانها ، ترى يا محمد يومئذ المجرمين ، وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم ، { مقرنين } أي : بعضهم إلى بعض ، قد جمع بين النظراء أو الأشكال{[16044]} منهم ، كل صنف إلى صنف ، كما قال تعالى : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 22 ] ، وقال : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } [ التكوير : 7 ] ، وقال : { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } [ الفرقان : 13 ] ، وقال : { وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ } [ ص : 37 ، 38 ] .

والأصفاد : هي القيود ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والأعمش ، وعبد الرحمن بن زيد . وهو مشهور في اللغة ، قال عمرو بن كلثوم :

فَآبُوا{[16045]} بالثياب وبالسّبايا *** وأُبْنَا بالمُلُوك{[16046]} مُصَفّدينا{[16047]}


[16044]:- في ت : "النظر والأشكال".
[16045]:- في ت : "فأتوا".
[16046]:- في ت : "وابنا الملوك" ، وفي أ : "وأبناء الملوك".
[16047]:- البيت في تفسير الطبري (13/167).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مّقَرّنِينَ فِي الأصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىَ وُجُوهَهُمْ النّارُ * لِيَجْزِيَ اللّهُ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } .

يقول تعالى ذكره : وتعاين الذين كفروا بالله ، فاجترموا في الدنيا الشرك يومئذٍ ، يعني : يوم تُبدّل الأرض غير الأرض والسموات . مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ يقول : مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد ، وهي الوثاق من غلّ وسلسلة ، واحدها : صَفَد ، يقال منه : صفدته في الصّفَد صَفْدا وصِفادا ، والصفاد : القيد ، ومنه قول عمرو بن كلثوم .

فَآبُوا بالنّهابِ وبالسّبايا *** وأُبْنا بالمُلُوكِ مُصَفّدِينا

ومن جعل الواحد من ذلك صِفادا جمعه : صُفُدا لا أصفادا . وأما من العطاء ، فإنه يقال منه : أصفدتُهُ إصفادا ، كما قال الأعشى :

تَضَيّفْتُهُ يَوْما فأكْرَمَ مَجْلِسِي *** وأصْفَدَنِي عِنْدَ الزّمانَةِ قائِدَا

وقد قيل في العطاء أيضا : صَفَدَني صَفْدا ، كما قال النابغة الذبيانيّ :

هَذَا الثّناءُ فإنْ تَسْمَعْ لِقائِلِهِ *** فَمَا عَرَضْتُ أبَيْتَ اللّعْنَ بالصّفَدِ

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : ثني عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ يقول : في وثاق .

حدثني محمد بن عيسى الدامغاني ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : الأصفاد : السلاسل .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ قال : مقرّنين في القيود والأغلال .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عليّ بن هاشم بن البريد ، قال : سمعت الأعمش ، يقول : الصفد : القيد .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ قال : صفدت فيها أيديهم وأرجلهم ورقابهم ، والأصفاد : الأغلال .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

{ وترى المجرمين يومئذ مقرّنين } قرن بعضهم مع بعض بحسب مشاركتهم في العقائد والأعمال كقوله : { وإذا النفوس زوجت } أو قرنوا مع الشياطين أو مع ما اكتسبوا من العقائد الزائغة والملكات الباطلة ، أو قرنت أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأغلال ، وهو يحتمل أن يكون تمثيلا لمؤاخذتهم على ما اقترفته أيديهم وأرجلهم . { في الأصفاد } متعلق ب { مقرنين } أو حال من ضميره ، والصفد القيد . وقيل الغل قال سلامة بن جندل :

وزيد الخيل قد لاقى صفاداً *** يعضّ بساعد وبعظمٍ ساقَ

وأصله الشد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

التقرين : وضع اثنين في قرن ، أي حبل .

والأصفاد جمع صِفاد بوزن كتاب ، وهو القيد والغل .