البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

المقرّن : المشدود في القرن ، وهو الحبل .

الصفد : الغل ، والقيد يقال : صفده صفداً قيده ، والاسم الصفد ، وفي التكثير صفده مشدداً .

قال الشاعر :

وأبقى بالملوك مصفدينا . . . ***وأصفدته : أعطيته .

وقيل : صفد وأصفد معاً في القيد والإعطاء .

قال الشاعر :

فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد . . .

أي : بالعطاء .

وسمي العطاء صفداً لأنه يقيده ويعبد .

وترى المجرمين يومئذ يوم إذ تبدل ، وبرزوا مقرنين مشدودين في القرن أي : مقرون بعضهم مع بعض في القيود والأغلال ، أو مع شياطينهم ، كل كافر مع شيطانه في غل أو تقرن أيديهم إلى أرجلهم مغللين .

والظاهر تعلق في الأصفاد بقوله : مقرنين أي : يقرنون في الأصفاد .

ويجوز أن يكون في موضع الصفة لمقرنين ، وفي موضع الحال ، فيتعلق بمحذوف كأنه قيل : مستقرين في الأصفاد .

وقال الحسن : ما في جهنم واد ، ولا مفازة ، ولا قيد ، ولا سلسلة ، إلا اسم صاحبه مكتوب عليه .

وقرأ علي ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وعكرمة ، وابن جبير ، وابن سيرين ، والحسن ، بخلاف عنه .

وسنان بن سلمة بن المحنق ، وزيد بن علي ، وقتادة ، وأبو صالح ، والكلبي ، وعيسى الهمداني ، وعمرو بن فائد ، وعمرو بن عبيد من قطر بفتح القاف وكسر الطاء وتنوين الراء ، أنّ اسم فاعل من أني صفة لقطر .

قيل : وهو القصدير ، وقيل : النحاس .

وعن عمر رضي الله عنه أنه قال : ليس بالقطران ، ولكنه النحاس يصير بلونه .

والآني الذائب الحار الذي قد تناهى حره .

قال الحسن : قد سعرت عليه جهنم منذ خلقت ، فتناهى حره .

وقال ابن عباس : أي آن أن يعذبوا به يعني : حان تعذيبهم به .