الآيتان 49 و 50 وقوله تعالى : { وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد } { سرابيلهم من قطران } ذكر { من قطران }{[9753]} قيل : القطر ، هو النحاس ، والآني : الذي انتهى حره كقوله : { وبين حميم آن } ( الرحمن : 44 ) وقيل : ا لصُّفرُ ، وقال بعضهم : { من قطران } أي من نحاس آن لهم أن يعذبوا . وقال بعضهم : هو من القطران المعروف الذي يطلى به الإبل ، ذكر هذا لأنه أشد إحراقا واشتعالا .
وقوله تعالى : { وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد } إلى آخر ما ذكر ؛ جعل الله عذاب الكفر في الآخرة في الأسباب والأشياء التي كانوا يفتخرون بها في الدنيا من اللباس والشراب والأصحاب ( وغيرها ، وهي كانت ){[9754]} سبب منعهم عن إجابة الرسل في ما دعوهم إليه . فجعل تعذيبهم في الآخرة بذلك النوع من النار ، فقال : { وترى المجرمين يومئذ مقرنين بالأصفاد } يُقرَن ، يُقَيّدُ{[9755]} بعضهم ببعض كقوله : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا } الآية ( الزخرف : 36 ) لأنه كان يتبعه ، ويأتمر بأمره ، وكقوله : { احشروا الذين ظموا } الآية ( الصافات : 22 ) وكذلك الرؤساء منهم والمتبوعون .
وقوله تعالى : { سرابيلهم من قطران } لما كانوا يفتخرون في الدنيا بلباسهم ، وكذلك كل نوع يفتخرون به في الدنيا ، ويمنعهم عن الإجابة إجابة الرسل . وقد ذكرنا هذا فيما تقدم .
والأصفاد : قيل : الأغلال ، أي قد قرن بعضه إلى بعض في الأغلال . واحدها : صفد ، وهو قول القُتَبِيُّ ، وكذلك قول أبي عوسجة في الأصفاد ، إلا أنه قال : واحدها : صَفَاُد ، والَصَّفَدُ العطية [ الوثاق ]{[9756]} . { سرابيلهم } قُمُصِهِم ، واحدها : سربال { من قطران } القطر ما ذكرنا النحاس ، والآني الذي قد اشتد حره ، وهو قول القتبي وأبي عوسجة .
ذكر هذه المواعيد والشدائد وأنواع ما يعذبون [ به ]{[9757]} في الآخرة ، ونعيمها على ألسن من قد ظهر صدقهم بالآيات والحجج ليحذر ما أوعدوا ، ويرغبون فيما رغبوا لئلا يكون لهم الاحتجاج يومئذ كقوله : { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } ( النساء : 165 ) وقوله : { ليهلك من هلك عن بينة } الآية [ الأنفال : 42 ] ونحوه والله أعلم .
وقوله تعالى : { وتغشى وجوههم النار } لأن أيديهم مغلولة إلى أعناقهم ، فلا يقدرون أن يتقوا النار بأيديهم . ذكر هذا لأن في الشاهد من أصاب وجهه أذى يتقي منه بيده ، فيخبر أنهم إنما يتقون ذلك بوجوههم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.