الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

قوله تعالى : { مُّقَرَّنِينَ } : يجوز أن يكونَ حالاً على أنها بَصَرية ، وأن يكونَ مفعولاً ثانياً على أنها عِلْمية . و { فِي الأَصْفَادِ } متعلِّقٌ به . وقيل : بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ أو صفةٌ ل " مُقَرِّنين " . والمُقَرَّنُ : مَنْ جُمِعَ في القَرَن ، وهو الحبلُ الذي يُرْبط به ، قال :

وابنُ اللَّبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ *** لم يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيٍسِ

وقال آخر :

والخيرُ والشرُّ مَلْزُوْزان في قَرَنْ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وفي التفسير : أنَّ كلَّ كافرٍ يُقْرَنُ مع شيطانِه في سلسلة .

والأَصْفاد : جمعُ صَفَد وهوى الغِلُّ والقيد ، يُقال : صَفَده يَصْفِدُه صَفْداً : قَيَّده ، والاسمُ : الصَّفَد ، وصَفَّده مشدداً للتكثير . قال :

فآبُوا بالنهَّائِبِ والسَّبايا *** وأُبْنا بالمُلوكِ مُصفَّدينا

والصِّفاد مثلُ الصَّفَدِ ، وأَصْفَده ، أي : أعطاه ، فَفَرَّقوا بين فَعَل وأَفْعل . وقيل : بل يُستعملان في القَيْد وفي العطاء .

قال النابغة :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فلم أُعَرِّض -أبيتَ اللَّعْنَ- بالصَّفَد

أي : بالإِعطاءِ ، وسُمِّي العَطاءُ صَفَداً لأنه يُقَيِّدُ مَنْ يعطيه ومنه " أنا مَغْلولُ أياديك ، وأَسِيْرُ نِعْمَتِك " .