معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

قوله تعالى : { فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به } ، امتنعوا به من زيغ الشيطان .

قوله تعالى : { فسيدخلهم في رحمة منه وفضل } يعني الجنة .

قوله تعالى : { ويهديهم إليه صراطاً مستقيما } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ } أي : جمعوا بين مقامي العبادة والتوكل على الله في جميع أمورهم . وقال ابن جريج : آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن . رواه ابن جرير .

{ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ } أي : يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ومضاعفة ورفعا في درجاتهم ، من فضله عليهم وإحسانه إليهم ، { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } أي : طريقا واضحا قَصْدا قَوَاما لا اعوجاج فيه ولا انحراف . وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة ، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات ، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات . وفي حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القرآن صراطُ اللهِ المستقيمُ وحبلُ الله المتين " . وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير ولله الحمد والمنة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مّسْتَقِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : فأما الذين صدّقوا بالله ، وأقرّوا بوحدانيته ، وما بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم من أهل الملل وَاعْتَصَمُوا بِهِ يقول : وتمسكوا بالنور المبين الذي أنزل إلى نبيه كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج وَاعْتَصَمُوا بِهِ قال : بالقرآن .

فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ يقول : فسوف تنالهم رحمته التي تنجيهم من عقابه وتوجب لهم ثوابه ورحمته وجنته ، ويلحقهم من فضله ما ألحق أهل الإيمان به والتصديق برسله . وَيهْدِيهِمْ إلَيْهِ صِرَاطا مُسْتَقِيما يقول : ويوفقهم لإصابة فضله الذي تفضل به على أوليائه ، ويسدّدهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته ، ولاقتفاء آثارهم ، واتباع دينهم . وذلك هو الصراط المستقيم ، وهو دين الله الذي ارتضاه لعباده ، وهو الإسلام . ونصب الصراط المستقيم على القطع من الهاء التي في قوله «إليه » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

{ فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه } في ثواب قدره بإزاء إيمانه وعمله رحمة منه لا قضاء لحق واجب { وفضل } إحسان زائد عليه { ويهديهم إليه } إلى الله سبحانه وتعالى . وقيل إلى الموعود . { صراطا مستقيما } هو الإسلام والطاعة في الدنيا ، وطريق الجنة في الآخرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

ثم وعد تبارك وتعالى المؤمنين بالله ، المعتصمين به ، والضمير في { به } يحتمل أن يعود على الله تعالى ، ويحتمل أن يعود على القرآن الذي تضمنه قوله تعالى : { نوراً مبيناً } و «الاعتصام » به التمسك بسببه وطلب النجاة والمنعة به ، فهو يعصم كما تعصم المعاقل ، وهذا قد فسره قول النبي صلى الله عليه وسلم : «القرآن حبل الله المتين من تمسك به عصم » و «الرحمة » و «الفضل » : الجنة وتنعيمها ، { ويهديهم } ، معناه : إلى الفضل ، وهذه هداية طريق الجنان ، كما قال تعالى : { سيهديهم ويصلح بالهم }{[4391]} لأن هداية الإرشاد قد تقدمت وتحصلت حين آمنوا بالله واعتصموا بكتابه ، و { صراطاً } نصب بإضمار فعل يدل عليه { يهديهم } ، تقديره فيعرفهم ، ويحتمل أن ينتصب كالمفعول الثاني : إذ { يهديهم } في معنى يعرفهم ، ويحتمل أن ينتصب على ظرفية «ما » ويحتمل أن يكون حالاً من الضمير في { إليه } وقيل : من [ فضل ] والصراط : الطريق وقد تقدم تفسيره .


[4391]:- الآية رقم (5) من سورة (محمد) عليه الصلاة والسلام.