إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

{ فَأَمَّا الذين آمَنُوا بالله } حسبما يوجبُه البرهانُ الذي أتاهم { واعتصموا بِهِ } أي عصَموا به أنفسَهم مما يُرديها من زيغ الشيطانِ وغيره { فَسَيُدْخِلُهُمْ في رَحْمَةٍ منهُ وَفَضْلٍ } قال ابنُ عباس رضي الله تعالى عنهما : هي الجنةُ وما يُتفضَّل عليهم [ به ] مما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمِعت ولا خطَر على قلب بشر . وعبّر عن إفاضة الفضلِ بالإدخال على طريقةِ قوله : [ الرجز ]

علفتُها تبناً وماءً بارداً{[153]} *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وتنوينُ رحمةً وفضلٍ تفخيميٌّ ومنه متعلقٌ بمحذوف وقع صفةً مشرِّفة لرحمة { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ } أي إلى الله عز وجل ، وقيل : إلى الموعود ، وقيل : إلى عبادته { صراطا مُسْتَقِيماً } هو الإسلامُ والطاعةُ في الدينا وطريقُ الجنةِ في الآخرة . وتقديمُ ذكرِ الوعد بإدخال الجنةِ على الوعد بالهداية إليها على خلاف الترتيبِ في الوجود بين الموعودَين للمسارعة إلى التبشير بما هو المقصِدُ الأصليُّ . قيل : انتصابُ صِراطاً على أنه مفعولٌ لفعلٍ محذوف يُنبئ عنه يهديهم أي يعرِفهم صراطاً مستقيماً .


[153]:يليه: حتى شتت همالة عيناها *** ................ وهو بلا نسبة في لسان العرب 2/287 (زجج)، 3/367 (قلد)، 9/255 (علف)، وتاج العروس 24/182 (علف).