فالمُراد : أنهم امتنعُوا به من زَيْغِ الشَّيْطَانِ ، { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ } .
قال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - : المراد بالرَّحْمَةِ الجَنَّة{[10435]} ، وبالفَضْلِ : ما يَتَفَضَّل به عليْهِم بمَا لا عَين رَأتْ ، ولا أذُن سَمِعَتْ ، [ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشر ]{[10436]} .
{ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } .
قوله عزَّ وجَّل : { صِرَاطاً } : مفعولٌ ثان ل " يَهْدِي " ؛ لأنه يتعدَّى لاثنين ؛ كما تقدم تحريره ، وقال جماعةٌ منهم{[10437]} مَكِّيٌّ : إنه مفعولٌ بفعْلٍ محذوف دلَّ عليه " يَهْدِيهم " ، والتقدير : " يُعَرِّفُهُمْ " . وقال أبو البقاء{[10438]} قريباً من هذا إلا أنه لم يُضْمِرْ فعلاً ، بل جعله منصوباً ب " يَهْدِي " على المعنى ؛ لأنَّ المعنى يُعرِّفُهُم ، قال مكيٌّ{[10439]} في الوجه الثاني : " ويجوز أن يكون مفعولاً ثانياً ل " يَهْدِي " ، أي : يَهْدِيهِم صِرَاطاً مستقيماً إلى ثوابه وجزائه " قال شهاب الدين : ولم أدْرِ لِمَ خَصَّصُوا هذا الموضِعَ دُونَ الذي في الفاتِحَةِ [ الآية : 3 ] ، واحتاجوا إلى تقدير فعل ، أو تضمينه معنى " يُعَرِّفُهُمْ " ؟ وأجاز أبو عليٍّ أن يكون منصوباً على الحال من محذوف ؛ فإنه قال : " الهاءُ في " إليه " راجعةٌ إلى ما تقدَّم من اسم الله ، والمعنى : ويَهْديهم إلى صراطه ، فإذا جعلنا " صِرَاطاً مُسْتَقِيماً " نصباً على الحال ، كانت الحالُ من هذا المحْذُوفِ " . انتهى ، فتحصَّل في نصبه أربعةُ أوجه :
أحدها : أنه مفعول ب " يَهْدِي " من غير تضمين معنى فعل آخر .
الثاني : أنه على تضمين معنى " يُعَرِّفُهُمْ " .
الرابع : أنه نصبٌ على الحال ، وعلى هذا التقدير الذي قدَّره الفارسيُّ تقْرُبُ من الحالِ المؤكِّدة ، وليس كقولك : " تَبَسَّمَ ضَاحِكاً " ؛ لمخالفتِها لصاحبها بزيادة الصفةِ ، وإن وافقته لفظاً ، والهاءُ في " إلَيْهِ " : إمَّا عائدةٌ على " الله " بتقدير حذفِ مضافٍ ؛ كما تقدَّم من نحو : " ثوابِ " أو " صِرَاطه " ، وإمَّا على الفضلِ والرحمة ؛ لأنهما في معنى شيء واحد ، وإما عائدةٌ على الفضل ؛ لأنه يُراد به طريقُ الجنان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.