البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (175)

{ فأمّا الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً } الظاهر أنّ الضمير في به عائد على لقربه وصحة المعنى ، ولقوله : واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله .

ويحتمل أن يعود على القرآن الذي عبر عنه بقوله : وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً وفي الحديث : « القرآن حبل الله المتين من تمسك به عصم » والرحمة والفضل : الجنة .

وقال الزمخشري : في رحمة منه وفضل في ثواب مستحق وتفضل انتهى .

ولفظ مستحق من ألفاظ المعتزلة .

وقيل : الرحمة زيادة ترقية ، ورفع درجات .

وقيل : الرحمة التوفيق ، والفضل القبول .

والضمير في إليه عائد على الفضل ، وهي هداية طريق الجنان كما قال تعالى : { سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم } لأن هداية الإرشاد قد تقدّمت وتحصلت حين آمنوا بالله واعتصموا ، وعلى هذا الصراط طريق الجنة .

وقال الزمخشري : ويهديهم إلى عبادته ، فجعل الضمير عائداً على الله تعالى وذلك على حذف مضاف وهذا هو الظاهر ، لأنه المحدث عنه ، وفي رحمة منه وفضل ليس محدثاً عنهما .

قال أبو علي : هي راجعة إلى ما تقدم من اسم الله تعالى ، والمعنى : ويهديهم إلى صراطه ، فإذا جعلنا صراطاً مستقيماً نصباً على الحال كانت الحال من هذا المحذوف انتهى .

ويعني : دين الإسلام .

وقيل : الهاء عائدة على الرحمة والفضل لأنهما في معنى الثواب .

وقيل : هي عائدة على القرآن .

وقيل : معنى صراطاً مستقيماً عملاً صالحاً .

/خ176