معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ} (70)

قوله تعالى : { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } . أسائمة أم عاملة .

قوله تعالى : { إن البقر تشابه علينا } . ولم يقل تشابهت لتذكير لفظ البقر . كقوله تعالى : ( أعجاز نخل منقعر ) وقال الزجاج : أي جنس البقر تشابه ، أي التبس واشتبه أمره علينا فلا نهتدي إليه .

قوله تعالى : { وإنا إن شاء الله لمهتدون } . إلى وصفها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وايم الله لو لم يستثنوا لما بينت لهم إلى آخر الأبد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ} (70)

40

ولقد كان فيما تلكأوا كفاية ، ولكنهم يمضون في طريقهم ، يعقدون الأمور ، ويشددون على أنفسهم ، فيشدد الله عليهم . لقد عادوا مرة أخرى يسألون من الماهية :

( قالوا : ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) .

ويعتذرون عن هذا السؤال وعن ذلك التلكؤ بأن الأمر مشكل :

( إن البقر تشابه علينا ) . .

وكأنما استشعروا لحاجتهم هذه المرة . فهم يقولون :

( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) . .

/خ73

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ} (70)

قَالُواْ ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ البقر تشابه عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ الله لَمُهْتَدُونَ }

القول في { ما هي } كالقول في نظيره ، فإن كان الله تعالى حكى مرادف كلامهم بلغة العرب فالجواب لهم ب { أنها بقرة لا ذلول } لما عُلم من أنه لم يبق من الصفات التي تتعلق الأغراض بها إلا الكرامة والنفاسة ، وإن كان المحكي في القرآن اختصاراً لكلامهم فالأمر ظاهر . على أن الله قد علم مرادهم فأنبأهم به .

وجملة { إن البقرة تشابه علينا } مستأنفة استئنافاً بيانياً لأنهم علموا أن إعادتهم السؤال توقع في نفس موسى تساؤلاً عن سبب هذا التكرير في السؤال ، وقولهم { إن البقرة تشابه علينا } اعتذار عن إعادة السؤال ، وإنما لم يعتذروا في المرتين الأوليين واعتذروا الآن لأن للثالثة في التكرير وقعاً في النفس في التأكيد والسآمة وغير ذلك ولذلك كثر في أحوال البشر وشرائعهم التوقيت بالثلاثة .

وقد جيء بحرف التأكيد في خبر لا يشك موسى في صدقه فتعين أن يكون الإتيان بحرف التأكيد لمجرد الاهتمام ثم يتوسل بالاهتمام إلى إفادة معنى التفريع والتعليل فتفيد ( إن ) مفاد فاء التفريع والتسبب وهو ما اعتنى الشيخ عبد القاهر بالتنبيه عليه في « دلائل الإعجاز » ومثله بقول بشار :

بَكّرا صاحِبَيَّ قبْلَ الهَجير *** إن ذاك النجاحَ في التبكير

تقدم ذكرها عند قوله تعالى : { إنك أنت العليم الحكيم } [ البقرة : 32 ] في هذه السورة وذكر فيه قصة .

وقولهم : { وإنا إن شاء الله لمهتدون تنشيط لموسى ووعد له بالامتثال لينشط إلى دعاء ربه بالبيان ولتندفع عنه سآمة مراجعتهم التي ظهرت بوارقها في قوله : { فافعلوا ما تؤمرون } [ البقرة : 68 ] ولإظهار حسن المقصد من كثرة السؤال وأن ليس قصدهم الإعنات . تفادياً من غضب موسى عليهم .

والتعليق ب { إن شاء الله } للتأدب مع الله في رد الأمر إليه في طلب حصول الخير .

والقول في وجه التأكيد في { إنه يقول إنها بقرة } كالقول في نظيره الأول .