الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ} (70)

{ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ } أسائمة أم عاملة . { إِنَّ البَقَرَ } هذه قراءة العامة ، قرأ محمد ذو الشامة الأموي إن الباقر وهو جمع البقر كالجامل لجماعة الجمل وقال الشاعر :

مالي رأيتك بعد عهدك موحشاً *** خلقاً كحوض الباقر المتهدّم

قال قطرب : تجمع البقرة بقر ، وباقر ، وبقير ، وبقور ، وباقور . فإن قيل : لما قال تشابه والبقر جمع فلم لم يقل تشابهت ؟ قيل فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنّه ذكر لتذكير لفظ البقر ، كقوله { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] .

وقال المبرّد : سُئل سيبويه عن هذه الآية ؟ [ فقال : ] كل جمع حروفه أقل من حروف واحد فإنّ العرب تُذكّره ، واحتج بقول الأعشى :

ودّع هريرة إن الرّكب مرتحل

ولم يقل مرتحلون ، وقال الزّجاج : معناه إنّ جنس البقر تشابه علينا . { تَشَابَهَ عَلَيْنَا } .

وفي تشابه سبع قراءات :

تشابه : بفتح التاء والهاء وتخفيف الشّين وهي قراءة العامة وهو فعل ماض ويذكر موحد .

وقرأ الحسن : تشابه : بتاء مفتوحة وهاء مضمومة وتخفيف الشّين أراد تَشابهُ .

وقرأ الأعرج : تشابه : بفتح التاء وتشديد الشّين وضم الهاء على معنى يتشابه .

وقرأ مجاهد : تشبّه ، كقراءة الأعرج إلاّ أنّه بغير ألف لقولهم : تحمل وتحامل .

وفي مصحف أُبي : تشابهت على وزن تفاعلت [ فالتاء ] لتأنيث البقر .

وقرأ ابن أبي إسحاق : تشابهت بتشديد الشين قال أبو حاتم : هذا غلط لأن التاء لا تدغم في هذا الباب إلاّ في المضارعة .

وقرأ الأعمش : متشابه علينا جعله اسماً .

ومعنى الآية : التبس واشتبه أمره علينا فلا نهتدي إليه . { وَإِنَّآ إِن شَآءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } إلى وصفها .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأيم الله لئن لم يستثنوا لما تبينت لهم آخر الأبد " .