معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (171)

قوله تعالى : { وإذ نتقنا الجبل فوقهم } ، أي : قلعنا ، وقال المؤرج : قطعنا ، وقال الفراء علقنا ، وقيل : رفعنا .

قوله تعالى : { كأنه ظلة } ، قال عطاء : سقيفة ، والظلة : كل ما أظلك .

قوله تعالى : { وظنوا } علموا .

قوله تعالى : { أنه واقع بهم خذوا } أي : وقلنا لهم خذوا .

قوله تعالى : { ما آتيناكم بقوة } ، بجد واجتهاد .

قوله تعالى : { واذكروا ما فيه } ، واعملوا به .

قوله تعالى : { لعلكم تتقون } ، وذلك حين أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة ، فرفع الله على رؤوسهم جبلاً ، قال الحسن : فلما نظروا إلى الجبل خر كل رجل منهم ساجداً على حاجبه الأيسر ، ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقاً من أن يسقط عليه ، ولذلك لا تجد يهودياً إلا ويكون سجوده على حاجبه الأيسر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (171)

138

الثالث عشر : 171 اشارة الى رفع الجبل فوق بني إسرائيل

وفي ختام حلقات القصة في هذه السورة يذكر كيف كان الله قد أخذ على بني إسرائيل الميثاق :

( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ، وظنوا أنه واقع بهم . خذوا ما آتيناكم بقوة ، واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) .

إنه ميثاق لا ينسى . . فقد أخذ في ظرف لاينسى ! أخذ وقد نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة ، وظنوا أنه واقع بهم ! ولقد كانوا متقاعسين يومها عن إعطاء الميثاق ؛ فأعطوه في ظل خارقة هائلة كانت جديرة بأن تعصمهم بعد ذلك من الانتكاس . ولقد أمروا في ظل تلك الخارقة القوية أن يأخذوا ميثاقهم بقوة وجدية ، وأن يستمسكوا به في شدة وصرامة ، وألا يتخاذلوا ولا يتهاونوا ولا يتراجعوا في ميثاقهم الوثيق . وأن يظلوا ذاكرين لما فيه ، لعل قلوبهم تخشع وتتقي . وتظل موصولة بالله لا تنساه !

ولكن إسرائيل هي إسرائيل ! نقضت الميثاق ، ونسيت الله ، ولجت في المعصية ، حتى استحقت غضب الله ولعنته . وحق عليها القول ، بعدما اختارها الله على العالمين في زمانها ، وأفاء عليها من عطاياه . فلم تشكر النعمة ، ولم ترع العهد ، ولم تذكر الميثاق . . وما ربك بظلام للعبيد . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (171)

عاد الكلام إلى العبرة بقصص بني إسرائيل مع موسى عليه السلام ، لأن قصة رفع الطور عليهم من أمهات قصصهم ، وليست مثل قصة القرية الذين اعتدوا في السبت ، ولا مثلَ خبر إيذانهم بمن يسومهم سوء العذاب . فضمائر الجمع كلها هنا مراد بها بنو إسرائيل الذين كانوا مع موسى ، بقرينة المقام .

والجملة معطوفة على الجمل قبلها .

و { إذْ } متعلقة بمحذوف تقديره : واذكر إذ نتقنا الجبل فوقهم .

والنتق : الفصل والقلع . والجبل الطور .

وهذه آية أظهرها الله لهم تخويفاً لهم ، لتكون مُذَكرة لهم ، فيعقب ذلك أخذُ العهد عليهم بعزيمة العمل بالتوراة ، فكان رفع الطور معجزة لموسى عليه السلام تصديقاً له فيما سيبلغهم عن الله من أخذ أحكام التوراة بعزيمة ومداومة والقصة تقدمت في سورة البقرة ( 63 ) عند قوله تعالى : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور } والظلة السحابة ، وجملة : { خذوا ما آتيناكم } مقولة لقول محذوف يدل عليه نظم الكلام ، وحذفُ القول في مثله شائع كثير ، وتقدم نظيرها في سورة البقرة .

وعُدّي { واقع } بالباء : للدلالة على أنهم كانوا مستقرين في الجبل فهو إذا ارتفع وقع ملابساً لهم ففتتهم ، فهم يرون أعلاه فوقهم وهم في سفحه ، وهذا وجه الجمع بين قوله { فوقهم } وبين باء الملابسة . وجعل بعض المفسرين الباء بمعنى ( على ) .

وجملة : { خُذوا ما آتيناكم بقوة } مقول قول محذوف . وتقدم تفسير نظيرها في سورة البقرة .