غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (171)

160

النوع السادس : { وإذ نتقنا الجبل } قال أبو عبيدة : أصل النتق قلع الشيء عن موضعه والرمي به ومنه امرأة ناتق إذا كثر ولدها كأنها ترمي بأولادها رمياً . والمعنى إذا قلعنا الجبل من أصله وجعلناه { فوقهم كأنه ظله } وهي كل ما أظلك من سقف أو حائط { وظنوا أنه واقع بهم } علموا وتيقنوا أنه ساقط عليهم . وقيل : قوي في نفوسهم أنه يقع بهم إن خالفوا . روي أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة فرفع الله الطور على رؤوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخاً في فرسخ . وقيل لهم : إن قبلتموها بما فيها وإلا ليقعن عليكم . فلما نظروا إلى الجبل خر كل رجل منهم ساجداً عل حاجبه الأيسر وهو ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقاً من سقوطه فلذلك لا ترى يهودياً يسجد إلا على حاجبه الأيسر ويقولون هذه السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة . ولما نشر موسى الألواح وفيه كتاب الله لم يبق جبل ولا حجر إلا اهتز فلذلك لا ترى يهودياً تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونغض لها رأسه . { خذوا } على إرادة القول أي قلنا لهم أو قائلين خذوا { ما آتيناكم } من الكتاب { بقوة } بجد وعزيمة على احتمال مشاقه وتكاليفه { واذكروا ما فيه } من الأوامر والنواهي ، أو من التعريض للثواب ، أو المراد خذوا ما آتيناكم من الآية العظيمة بقوة إن كنتم تطيقونه كقوله { إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا } [ الرحمن : 33 ] واذكروا ما فيه من الدلالة على القدرة الباهرة { لعلكم تتقون } ما أنتم عليه من الإباء .

/خ171