قوله تعالى : { فَوْقَهُمْ } : فيه وجهان : أحدهما : هو متعلِّقٌ بمحذوف على أنه حال من الجبل ، وهي حالٌ مقدرة لأن حالةَ النَّتْق لم تكن فوقَهم ، لكنه بالنَّتْق صار فوقهم . والثاني : أنه ظرفٌ لنَتَقْنا . قاله الحوفي وأبو البقاء . قال الشيخ : " ولا يمكن ذلك إلا أن يُضَمَّن معنى فِعْلٍ يمكن أن يعمل في " فوقهم " ، أي : رفعنا بالنَّتْقِ الجبلَ فوقهم فيكون كقوله : { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ } [ النساء : 154 ] .
والنَّتْق : اختلفَتْ فيه عبارات أهل اللغة . فقال أبو عبيدة : " هو قَلْعُ الشيءِ من موضعه والرَّمْيُ به ، ومنه " نَتَق ما في الجِراب " إذا نقضه ورمى ما فيه . وامرأة ناتق ومِنْتاق : إذا كانت كثيرةَ الولادة . وفي الحديث : " عليكم بزواج الأبكار فإنهن أَنْتَقُ أَرْحاماً وأطيبُ أفواهاً وأرضى باليسير " وقيل : النتق : الجَذْب بشدة . ومنه " نَتَقْتُ السِّقاء " إذا جَذَبْتَه لتقتلعَ الزُّبْدة من فمه " . وقال الفراء : " هو الرفع " وقال ابن قتيبة : " الزعزعة " وبه فسَّر مجاهد . وقال النابغة :
لم يُحْرَموا حُسْنَ الغِذاءِ وأمُّهُمْ *** طَفَحَتْ عليك بناتقٍ مِذْكار
وكلُّ هذه مَعانٍ متقاربة . وقد عَرَفْت أن " فوقهم " يجوز أن يكون منصوباً ب " نَتَق " لأنه بمعنى رفع وقلع .
قوله : " كأنه ظُلَّة " في محلِّ نصبٍ على الحال من " الجبل " أيضاً فتتعدَّد الحال . وقال مكي : " هي خبرُ مبتدأ محذوف ، أي : هو كأنه ظُلَّة " وفيه بُعْدٌ .
قوله : { وَظَنُّواْ } فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه في محل جَرٍّ نسقاً على " نَتَقْنا " المخفوض بالظرف تقديراً . والثاني : أنه حال ، و " قد " مقدرةٌ عند بعضهم ، وصاحب الحال : إمَّا الجبل ، أي : كأنه ظُلَّةٌ في حال كونه مظنوناً وقوعُه بهم . ويضعف أن يكون صاحبه " هم " في " فوقهم " . والثالث : أنه مستأنف فلا محل له . والظنُّ هنا على بابه ، ويجوز أن يكون بمعنى اليقين ، والباء على بابها أيضاً . قيل : ويجوز أن تكون بمعنى " على " .
قوله : { وَاذْكُرُواْ } العامَّة على التخفيف أمراً مِنْ ذكر يَذْكُر . والأعمش : " واذَّكِروا " بتشديد الذال من الاذّكار والأصل : اذْتَكِرُوا والاذتكار ، وتقدم تصريفه . وقرأ ابن مسعود : تذكَّروا مِن تذكَّر بتشديد الكاف . وقرئ : وتَذَّكَّروا بتشديد الذال والكاف ، والأصلُ : وَلْتَتَذَكَّروا ، فأدغمت التاء في الذال وحُذِفَتْ لامُ الجر كقوله :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.