مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (171)

{ وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ } واذكروا إذا قلعناه ورفعناه كقوله { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور } [ البقرة : 63 ] { كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } هي كل ما أظلك من سقيفة أو سحاب { وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } وعلموا أنه ساقط عليهم ، وذلك أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لغلظها وثقلها فرفع الله الطور على رؤوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخاً في فرسخ . وقيل لهم : إن قبلتموها بما فيها وإلا ليقعن عليكم . فلما نظروا إلى الجبل خر كل رجل منهم ساجداً على حاجبه الأيسر وهو ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقاً من سقوطه ، فلذلك لا ترى يهودياً يسجد على حاجبه الأيسر ويقولون هي السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة ، وقلنا لهم { خُذُواْ مَا ءاتيناكم } من الكتاب { بِقُوَّةٍ } وعزم على احتمال مشاقه وتكاليفه { واذكروا مَا فِيهِ } من الأوامر والنواهي ولا تنسوه { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ما أنتم عليه .