معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

{ وكأين } ، وكم { من آية } ، عبرة ودلالة ، { في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون } ، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

( وكأي من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) .

والآيات الدالة على الله ووحدانيته وقدرته كثيرة مبثوثة في تضاعيف الكون ، معروضة للأبصار والبصائر . في السماوات وفي الأرض . يمرون عليها صباح مساء ، آناء الليل وأطراف النهار . وهي ناطقة تكاد تدعو الناس إليها . بارزة تواجه العيون والمشاعر . موحية تخايل للقلوب والعقول . ولكنهم لا يرونها ولا يسمعون دعاءها ولا يحسون إيقاعها العميق .

وإن لحظة تأمل في مطلع الشمس ومغيبها . لحظة تأمل في الظل الممدود ينقص بلطف أو يزيد . لحظة تأمل في الخضم الزاخر ، والعين الفوارة ، والنبع الروي . لحظة تأمل في النبتة النامية ، والبرعم الناعم ، والزهرة المتفتحة ، والحصيد الهشيم . لحظة تأمل في الطائر السابح في الفضاء ، والسمك السابح في الماء ، والدود السارب والنمل الدائب ، وسائر الحشود والأمم من الحيوان والحشرات والهوام . . لحظة تأمل في صبح أو مساء ، في هدأة الليل أو في زحمة النهار . . لحظة واحدة يتسمع فيها القلب البشري إلى إيقاعات هذا الوجود العجيب . . إن لحظة واحدة لكافية لارتعاش هذا القلب بقشعريرة الإدراك الرهيب ، والتأثر المستجيب . ولكنهم ( يمرون عليها وهم عنها معرضون ) لذلك لا يؤمن الأكثرون !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

يخبر تعالى عن [ غفلة ]{[15345]} أكثر الناس عن التفكر في آيات الله ودلائل توحيده ، بما خلقه الله في السموات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت ، وسيارات وأفلاك دائرات ، والجميع مسخرات ، وكم في الأرض من قطع متجاورات وحدائق وجنات وجبال راسيات ، وبحار زاخرات ، وأمواج متلاطمات ، وقفار شاسعات ، وكم من أحياء وأموات ، وحيوان ونبات ، وثمرات متشابهة ومختلفات ، في الطعوم والروائح والألوان والصفات ، فسبحان الواحد الأحد ، خالق أنواع المخلوقات ، المتفرد بالدوام والبقاء والصمدية ذي الأسماء والصفات .


[15345]:- زيادة من ت ، أ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

عطف على جملة { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } [ يوسف : 103 ] ، أي ليس إعراضهم عن آية حصول العلم للأمّي بما في الكتب السالفة فحسب بل هم معرضون عن آيات كثيرة في السماوات والأرض .

و { كأين } اسم يدل على كثرة العدد المبهم يبينه تمييز مجرور ب { من } . وقد تقدم عند قوله تعالى : { وكأين من نبيء قاتل معه ربيون كثير } في سورة آل عمران ( 146 ) .

والآية : العلامة ، والمراد هنا الدالةُ على وحدانية الله تعالى بقرينة ذكر الإشراك بعدها .

ومعنى { يمرون عليها } يرونها ، والمرور مجاز مكنّى به عن التحقق والمشاهدة إذ لا يصح حمل المرور على المعنى الحقيقي بالنسبة لآيات السماوات ، فالمرور هنا كالذي في قوله تعالى : { وإذا مروا باللغو مروُّا كراماً } [ الفرقان : 72 ] .

وضمير { يمرون } عائد إلى الناس من قوله تعالى : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } .