تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

وقوله تعالى : ( و كأين من آية )الآية ؛ أي كم من آية ( في السموات والأرض ) قال بعض أهل التأويل : الآيات التي في السماء : الشمس والقمر والنجوم والسحاب وأمثالها[ في الأصل وم : وأمثاله ] والآيات التي في الأرض من نحو الجبال والأنهار والبحار والمدائن ونحوها . لكن السماء نفسها آية ، والأرض نفسها وما يخرج منها آية من النبات ( يمرون عليها وهم عنها معرضون ) أي هم عنها معرضون عما جعلت هن آيات لأنها إنما جعلت آيات لوحدانية الله وألوهيته فهم عما جعلت هن من آيات معرضون ، وبالله الهداية والعصمة .

وقال بعضهم في قوله : ( و كأين من آية ) أي كم من دليل وعلامة على وحدانية الله في خلق السموات والأرض وهو قريب مما ذكرنا .

وقال بعضهم : آيات السماء ما ذكرنا من نحو الشمس والقمر والكواكب ، وآيات الأرض مثل[ في الأصل وم : فمثل ] آيات الأمم التي أهلكوا من قبل من نحو نوح وعاد و ثمود وقوم لوط وغيرهم ممن قد أهلكوا ( يمرون عليها ) ويرونها ، ولا يتعظون بهم .

والوجه فيه ما ذكرنا أنهم معرضون عما جعلت تلك آيات ، وإنما جعلت آيات لوحدانية الله تعالى وألوهيته ، أو معرضون عن التفكر فيها والنظر إعراض معاندة ومكابرة .

ثم يحتمل الإعراض وجهين :

أحدهما : أعرضوا أي لم ينظروا فيها ، ولم يتفكروا ، ليدلهم على وحدانية الله وألوهيته وهو إعراض عنها .

والثاني : نظروا ، وعرفوا أنها آيات لوحدانيته لكنهم أعرضوا مكابرين معاندين ليس في السموات ولا في الأرض شيء ، وإن لطف ، إلا وفيه دلالة على وحدانية الله وألوهيته .