معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

فذلك { الذي يوسوس في صدور الناس } بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

والنفس حين تعرف - بعد هذا التشويق والإيقاظ - أن الوسواس الخناس يوسوس في صدور الناس خفية وسرا ، وأنه هو الجنة الخافية ، وهو كذلك الناس الذين يتدسسون إلى الصدور تدسس الجنة ، ويوسوسون وسوسة الشياطين . . النفس حين تعرف هذا تتأهب للدفاع ، وقد عرفت المكمن والمدخل والطريق !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

وقوله : { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ } هل يختص هذا ببني آدم - كما هو الظاهر - أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا .

وقال ابن جرير : وقد استعمل فيهم( رجَالٌ منَ الجنِّ ) فلا بدع في إطلاق الناس عليهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

وقوله : { الّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ } يعني بذلك : الشيطان الوسواس ، الذي يوسوس في صدور الناس : جنهم وإنسهم .

فإن قال قائل : فالجنّ ناس ، فيقال : الذي يوسوس في صدور الناس : من الجنة والناس . قيل : قد سماهم الله في هذا الموضع ناسا ، كما سماهم في موضع آخر رجالاً ، فقال : { وَأنّهُ كَانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ } ، فجعل الجنّ رجالاً ، وكذلك جعل منهم ناسا .

وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدّث ، إذ جاء قوم من الجنّ فوقفوا ، فقيل : من أنتم ؟ فقالوا : ناس من الجنّ ، فجعل منهم ناسا ، فكذلك ما في التنزيل من ذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

{ الذي يوسوس في صدور الناس } إذا غفلوا عن ذكر ربهم وذلك كالقوة الوهمية فإنها تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشككه ومحل الذي الجر على الصفة أو النصب أو الرفع على الذم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

ووُصِفَ { الوسواس الخناس } ب { الذي يوسوس في صدور الناس } لتقريب تصوير الوسوسة كي يتقيها المرء إذا اعترته لخفائها ، وذلك بأن بُيِّنَ أنَّ مكان إلقاء الوسوسة هو صدور الناس وبواطنهم فعبّر بها عن الإِحساس النفسي كما قال تعالى : { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [ الحج : 46 ] وقال تعالى : { إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه } [ غافر : 56 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم " الإثم ما حاك في الصدر وتردَّد في القلب " فغاية الوسواس من وسوسته بثّها في نفس المغرور والمشبوككِ في فخّه ، فوسوسة الشياطين اتصالاتُ جاذبيه النفوس نحو دَاعية الشياطين . وقد قرَّبها النبي صلى الله عليه وسلم في آثار كثيرة بأنواع من التقريب منها : « أنها كالخراطيم يمدها الشيطان إلى قلب الإِنسان » وشبهها مرة بالنفث ، ومرة بالإِبْسَاس . وفي الحديث : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما " .

وإطلاق فعل { يوسوس } على هذا العمل الشيطاني مجاز إذ ليس للشيطان كلام في باطن الإِنسان . وأما إطلاقه على تسويل الإِنسان لغيره عملَ السوء فهو حقيقة . وتعلّق المجرور من قوله : { في صدور الناس } بفعل { يوسوس } بالنسبة لوسوسة الشيطان تعلق حقيقي ، وأما بالنسبة لوسوسة الناس فهو مجاز عقلي لأن وسوسة الناس سبب لوقوع أثرها في الصدور فكان في كلِّ من فعل { يوسوس } ومتعلِّقه استعمال اللفظين في الحقيقة والمجاز .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله : { الّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ } يعني بذلك : الشيطان الوسواس ، الذي يوسوس في صدور الناس : جنهم وإنسهم .

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

وسوسة الشيطان هي الدعاء إلى طاعته بما يصل إلى القلب من قول متخيل ، أو يقع في النفس من أمر متوهم ، ومنه الموسوس إذا غلب عليه الوسوسة ، لما يعتريه من المسرة ، وأصله الصوت الخفي ،

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

صفة ثالثة للشيطان ، فذكر وسوسته أولا ، ثم ذكر محلها ثانيا ، وأنها في صدور الناس ثالثا . وقد جعل الله للشيطان دخولا في جوف العبد ، ونفوذا إلى قلبه وصدره ، فهو يجري منه مجرى الدم ، وقد وكل بالعبد ، فلا يفارقه إلى الممات ....

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ الذي يوسوس } أي يلقي المعاني الضارة على وجه الخفاء والتكرير ، بحيث تصل مفاهيمها من غير سماع ، وأشار إلى كثرة وسوسته بذكر الصدر الذي هو ساحة القلب ومسكنه ، فقال : { في صدور الناس } أي المضطربين إذا غفلوا عن ذكر ربهم ، فإنها دهاليز القلوب ، منها تدخل الواردات إليها ... والناس قال في القاموس : يكون من الإنس ومن الجن ، جمع إنس ، أصله أناس جمع عزيز أدخل عليه أل انتهى ، ولعل إطلاقه على هذين المتقابلين بالنظر إلى النوس الذي أصله الاضطراب والتذبذب ، فيكون منحوتاً من الأصلين : الإنس والنوس ، ومن ثالث وهو النسيان .

مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير لابن باديس 1359 هـ :

يوسوس بالمضارع إشعارا بتجدد الوسوسة منه ، وعدم انقطاعها . وقال : { في صدور الناس } والصدر ملتقى حنايا الأضلع ، ومستودع القوى التي كان الإنسان إنسانا بها ....فالقلب غير الصدر ، وإنما هو فيه ، وذلك قال : { ولكن تعمى القلوب في الصدور } . الصدر ليس ماديا فقط : ومواقع استعمال القرآن لكلمة الصدر مفردا وجمعا والحكم عليها بالشرح ، والحرج ، والضيق ، والشفاء ، والإخفاء ، والإكنان ، ترشدنا إلى أنه ليس المراد منه الصورة المادية ، ولا أجزاءها المادية ، وإنما المراد القوى النفسية المستودعة فيه ، وأن الوسواس الخناس ، يوجه كيده ووسوسته دائما إلى هذه القلعة التي هي الصدر ؛ لأنها مجمع القوى . وقال : { في صدور الناس } ، ولم يقل في قلوب الناس ؛ لأن القلب مجلى العقل ، ومقر الإيمان ، وقد يكون محصنا بالإيمان فلا يستطيع الوسواس أن يظهره ، ولا يستطيع له نقبا ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ووُصِفَ { الوسواس الخناس } ب { الذي يوسوس في صدور الناس } لتقريب تصوير الوسوسة كي يتقيها المرء إذا اعترته لخفائها ، وذلك بأن بُيِّنَ أنَّ مكان إلقاء الوسوسة هو صدور الناس وبواطنهم فعبّر بها عن الإِحساس النفسي كما قال تعالى : { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [ الحج : 46 ] وقال تعالى : { إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه } [ غافر : 56 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم " الإثم ما حاك في الصدر وتردَّد في القلب " فغاية الوسواس من وسوسته بثّها في نفس المغرور والمشبوككِ في فخّه ، فوسوسة الشياطين اتصالاتُ جاذبيه النفوس نحو دَاعية الشياطين . وقد قرَّبها النبي صلى الله عليه وسلم في آثار كثيرة بأنواع من التقريب منها : « أنها كالخراطيم يمدها الشيطان إلى قلب الإِنسان » وشبهها مرة بالنفث ، ومرة بالإِبْسَاس . وفي الحديث : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما " .

وإطلاق فعل { يوسوس } على هذا العمل الشيطاني مجاز إذ ليس للشيطان كلام في باطن الإِنسان . وأما إطلاقه على تسويل الإِنسان لغيره عملَ السوء فهو حقيقة . وتعلّق المجرور من قوله : { في صدور الناس } بفعل { يوسوس } بالنسبة لوسوسة الشيطان تعلق حقيقي ، وأما بالنسبة لوسوسة الناس فهو مجاز عقلي لأن وسوسة الناس سبب لوقوع أثرها في الصدور فكان في كلِّ من فعل { يوسوس } ومتعلِّقه استعمال اللفظين في الحقيقة والمجاز .

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ } فقد يكون الوسواس الخناس من الجنّ الذين قد يزيّنون للإنسان الكفر والمعصية والضلال في ما حدّثنا الله عنه في القرآن من حركة الشيطان في حياة الإنسان ، ولكنه لا يملك السيطرة على الإنسان الذي يلتفت إلى نفسه ، وينفتح على ربه ، وذلك في ما كرّره الله من قوله تعالى : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [ الحجر : 42 ] ، ولكن كيف يوسوس الشيطان للإنسان ، وكيف يدخل إلى عقله وإحساسه وحياته ؟ إننا لم نجد وسيلةً لنتعرف إلى ذلك بطريقة مادية ، ولكننا نعيش النتائج في أنفسنا ، من خلال حركته في الفكر والإحساس والوجدان . وقد يكون هذا الوسواس الخنّاس من الإنس الذين يعيشون مع الإنسان ، ويملكون بعض التأثير عليه ، من خلال علاقات المزاج أو القرابة أو الصداقة أو المصلحة أو الشهوة أو السلطان ونحو ذلك ، فيستغلّون الجانب العاطفي أو الغريزيّ ، أو الضعف الذاتي ، للنفاذ إلى داخل شخصيته من أجل إغوائه وإغرائه وتوجيهه إلى مواقع الضلال . ...