لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

قيل : " الناس " يقع لفظها على الجنِّ والإنْسِ جميعاً كما قال تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ } [ الأحقاف : 29 ] فسمَّاهم نفراً ، وكما قال : { يعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ } [ الجن : 6 ] فسمَّاهم رجالاً . . فعلى هذا استعاذ من الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس ، والشيطانُ الذي له تسلُّطٌ على الناسِ كالوسواس ؛ فللنَّفْس من قِبَلِ العبد هواجسُ ، وهواجِسُ ، وهواجِسُ النَّفْسِ ووساوسُ الشيطانِ يتقاربان ؛ إذ إنه يدعو إلى متابعة الشهوة أو الضلالة في الدين ، أو إلى ارتكاب المعصية ، أو إلى الخصال الذميمة ، فهو نتيجة الوساوس والهواجس .

وبالعلم يُمَيَّزُ الإلهام بين الخواطِر الصحيحة وبين الوساوس .

( ومما تجب معرفته ) أن الشيطان إذا دعا إلى محظورٍ فإن خالَفْتَه يَدَعْ ذلك ، ( ثم ) يدعوك إلى معصيةٍ أخرى ؛ إذ لا غََرَضَ له إلا الإقامة على دعائك ( . . . ) غير مختلفة .