بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

{ الذي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس مِنَ الجنة والناس } يعني : يدخل في صدور الجن كما يدخل في صدور الإنس ، ويوسوس لهم ، ويقال : { الناس } في هذا الموضع يصلح للجن والإنس ، فإذا أراد به الجن فمعناه : يوسوس في صدور المؤمنين الذين هم جن { يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس } يعني : الذين هم من بني آدم ، ويقال : { الناس } معطوف على الوسواس ، ومعناه : { مِن شَرّ الوسواس } ، وَمِن شَرّ الناس ، كما قال في آية أخرى { شياطين الإنس والجن } ، وقال مقاتل : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له جبريل عليه السلام : ألا أخبرك يا محمد صلى الله عليه وسلم بأفضل ما يتعوذ به ؟ قلت : «وَمَا هُوَ ؟ » قال المعوذتان .

وروى علقمة عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مَا تَعَوَّذَ المُعَوِّذُونَ بِمِثْلِ المَعوذتَيْنِ » .

وروي عن الحسن البصري في قوله تعالى : { مِنَ الجنة والناس } قال : إن من الناس شياطين ، فتعوذوا بالله من الشياطين . يعني : شياطين الجن والإنس ، وقال : هما شيطانان ، فأما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الإنس فإنه علانية .

وروى أبو معاوية عن عثمان بن واقد قال : أرسلني أبي إلى محمد بن المنكدر أسأله عن المعوذتين أهما من كتاب الله تعالى ؟ قال : من لم يزعم أنهما من كتاب الله تعالى فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . ( والله أعلم ، وصلَّى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وإمام المتقين ، ورسول رب العالمين ، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، والملائكة والمقربين ، وأهل طاعتك أجمعين . ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، حسبنا الله ونعم الوكيل .