معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

{ وكذبوا بآياتنا } أي بما جاء به الأنبياء ، { كذابا } يعني : تكذيباً ، قال الفراء : هي لغة يمانية فصيحة ، يقولون في مصدر التفعيل فعال وقال : قال لي أعرابي منهم على المروة يستفتيني : الحلق أحب إليك أم القصار ؟ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

( وكذبوا بآياتنا كذابا ) . . وجرس اللفظ فيه شدة توحي بشدة التكذيب وشدة الإصرار عليه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

{ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا } أي : وكانوا يكذبون بحجج الله ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسله ، فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة .

وقوله : { كِذَّابًا } أي : تكذيبا ، وهو مصدر من غير الفعل . قالوا : وقد سُمع أعرابي يستفتي الفَرّاءَ على المروة : الحلقُ أحبّ إليك أو القِصار ؟ وأنشد بعضهم{[29665]} :

لَقَد طالَ ما ثَبَّطتنِي عَن صَحَابَتِي *** وعن حوج قضاؤها مِن شفَائيا


[29665]:- (3) البيت في تفسير الطبري (30/11).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

وقوله : وكَذّبُوا بآياتِنا كِذّابا يقول تعالى ذكره : وكذّب هؤلاء الكفار بحُجَجِنا وأدلتنا تكذيبا . وقيل : كِذّابا ، ولم يقل تكذيبا ، تصديرا على فعله .

وكان بعض نحويّي البصرة يقول : قيل ذلك لأن فعل منه على أربعة ، فأراد أن يجعله مثل باب أفعلت ، ومصدر أفعلت إفعالاً ، فقال : كذّابا ، فجعله على عدد مصدره ، قال : وعلى هذا القياس تقول : قاتل قتالاً ، قال : وهو من كلام العرب . وقال بعض نحويّي الكوفة : هذه لغة يمانية فصيحة ، يقولون : كذّبت به كذّابا ، وخَرّقت القميص خِرّاقا ، وكلّ فَعّلْت ، فمصدرها فِعّال بلغتهم مشدّدة . قال : وقال لي أعرابي مرّة على المروة يستفتيني : ألحلق أحبّ إليك أم القِصّار ؟ قال : وأنشدني بعض بني كلاب :

لَقَدْ طالَ ما ثَبّطَتْنِي عَنْ صَحَابَتِي *** وَعَنْ حِوَجٍ قِضّاؤُها مِنْ شَفائِيَا

وأجمعت القرّاء على تشديد الذال من الكِذّاب في هذا الموضع . وكان الكسائي خاصة يخفّف الثانية ، وذلك في قوله : لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوا وَلا كِذّابا ويقول : وهو من قولهم : كاذبته كِذّابا ومكاذبة ، ويشدّد هذه ، ويقول قوله كَذّبوا يقيد الكِذّاب بالمصدر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

وكذبوا بآياتنا كذابا تكذيبا وفعال بمعنى تفعيل مطرد شائع في كلام الفصحاء قرئ بالتخفيف وهو بمعنى الكذب كقوله فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه وإنما أقيم مقام التكذيب للدلالة على أنهم كذبوا في تكذيبهم أو المكاذبة فإنهم كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمين كاذبين عندهم فكان بينهم مكاذبة أو كانوا مبالغين في الكذب مبالغة فيه وعلى المعنيين يجوز أن يكون حالا بمعنى كاذبين أو مكاذبين ويؤيده أنه قرئ كذابا وهو جمع كاذب ويجوز أن يكون للمبالغة فيكون صفة للمصدر أي تكذيبا مفرطا كذبه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

وقرأ جمهور الناس : «كِذّاباً » بشد الذال وكسر الكاف وهو مصدر بلغة بعض العرب ، وهي يمانية ومنه قول أحدهم وهو يستفتي :

ألحلق أحب إليك أم القصار{[11587]} ؟ . . . ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي . . . وعن حاجة قضاؤها من شفائيا{[11588]}

وهذا عندهم مصدر من فعّل ، وقال الطبري : لم يختلف القراء في هذا الموضع في { كذاباً } .

قال القاضي أبو محمد : وأراه أراد السبعة ، وأما في الشاذ ، فقرأ علي بن أبي طالب وعوف الأعرابي وعيسى والأعمش وأبو رجاء : «كِذَاباً » بكسر الكاف وبتخفيف الذال ، وقرأ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز : «كُذّاباً » بضم الكاف وشد الذال على أنه جمع كاذب ونصبه على الحال قاله أبو حاتم{[11589]} .


[11587]:هذا الكلام منقول عن الفراء، وقد نقله أيضا صاحب اللسان، قال الفراء في (معاني القرآن): "هي لغة يمانية فصيحة، يقولون: كذبت به كذابا، وخرقت القميص خراقا، وكل فعلت فمصدره فعال في لغتهم مشدد، قال لي أعرابي منهم على المروة يستفتيني: الحلق أحب إليك أم القصار" ؟ يعني: هل حلق الشعر أحب إليك أم تقصيره؟.
[11588]:هذا البيت في (معاني القرآن) للفراء، ونقله عنه صاحب اللسان: "قال الفراء: وأنشدني بعض بني كلب.. وذكر البيت"، وهو في الطبري، والقرطبي، والبحر المحيط، وابن كثير، وثبطه عن الشيء: عوقه وبطأ به، والحوج: جمع حاجة وهي ما يفتقر إليه الإنسان، يقول: لقد عوقتني عن أصحابي وعن حاجات في قضائها شفائي.
[11589]:يقول أبو حاتم: "لا وجه إلا أن يكون (كذابا) جمع كاذب، فتنصبه على الحال، وقد يجوز أن يكون وصفا لمصدر محذوف، أي: كذبوا بآياتنا كذابا كذابا، أي كذابا متناهيا في معناهن فهو واحد لا جمع له، كرجل حسان، ووجه وضاء".