الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا} (28)

وقرىء بالتخفيف ، وهو مصدر كذب ، بدليل قوله :

فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَا*** وَالمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهْ

وهو مثل قوله : { أَنبَتَكُمْ مّنَ الأرض نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] يعني : وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذاباً . أو تنصبه بكذبوا ، لأنه يتضمن معنى كذبوا ، لأنّ كل مكذب بالحق كاذب ، وإن جعلته بمعنى المكاذبة فمعناه : وكذبوا بآياتنا ، فكاذبوا مكاذبة . أو كذبوا بها مكاذبين ، لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة ، أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب فعل من يغالب في أمر ، فيبلغ فيه أقصى جهده . وقرىء «كذاباً » وهو جمع كاذب ، أي : كذبوا بآياتنا كاذبين ؛ وقد يكون الكذاب بمعنى الواحد البليغ في الكذب ، يقال : رجل كذاب ، كقولك : حسان ، وبخال ؛ فيجعل صفة لمصدر كذبوا ، أي : تكذيباً كذاباً مفرطاً كذبه .