( قلنا : اهبطوا منها جميعا . فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .
وانتقلت المعركة الخالدة إلى ميدانها الأصيل ، وانطلقت من عقالها ما تهدأ لحظة وما تفتر . وعرف الإنسان في فجر البشرية كيف ينتصر إذا شاء الانتصار ، وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسار . . .
( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) . .
أي : مخلدون فيها ، لا محيد لهم عنها ، ولا محيص .
وقد أورد ابن جرير ، رحمه الله ، هاهنا حديثا ساقه من طريقين ، عن أبي مَسْلَمة سعيد بن يزيد ،
عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطْعَة{[1622]} عن أبي سعيد - واسمه سعد بن مالك بن سِنَان الخُدْري - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ، لكن أقواماً أصابتهم النار بخطاياهم ، أو بذنوبهم فأماتتهم إماتة ، حتى إذا صاروا فحماً أذنَ في الشفاعة " . وقد رواه مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة به{[1623]} .
[ وذكر هذا الإهباط الثاني لما تعلق به ما بعده من المعنى المغاير للأول ، وزعم بعضهم أنه تأكيد وتكرير ، كما تقول : قم قم ، وقال آخرون : بل الإهباط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا ، والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض ، والصحيح الأول ، والله تعالى أعلم بأسرار كتابه ]{[1624]} .
وقوله : { وَالّذِينَ كَفَرواْ وَكَذّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُولََئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
يعني : والذين جحدوا آياتي وكذّبوا رسلي ، وآيات الله : حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته ، وما جاءت به الرسل من الأعلام والشواهد على ذلك ، وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربها . وقد بينا أن معنى الكفر : التغطية على الشيء . أولَئِكَ أصْحابُ النّارِ يعني أهلها الذين هم أهلها دون غيرهم المخلدون فيها أبدا إلى غير أمد ولا نهاية ، كما :
حدثنا به عقبة بن سنان البصري ، قال : حدثنا غسان بن مضر ، قال : حدثنا سعيد بن يزيد ، وحدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا أبو مسلمة سعيد بن يزيد ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، وأبو بكر بن عون ، قالا : حدثنا إسماعيل بن علية ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمّا أهْلُ النّارِ الّذِينَ هَمْ أهْلُها فإنَهُمْ لاَ يَمُوتُونَ فِيها وَلاَ يَحْيَوْنَ وَلَكِنّ أقْوَاما أصَابَتْهُمُ النارُ بِخَطاياهُمْ أوْ بِذُنُوبِهِمْ فأماتَتْهُمْ إماتَةً حتى إذَا صَارُوا فَحْما أُذِنَ فِي الشفاعَة » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.