{ والذين كفروا } أي : جحدوا { وكذبوا بآياتنا } أي : كتبنا { أولئك أصحاب النار } يوم القيامة { هم فيها خالدون } ماكثون فيها أبداً لا يخرجون منها ولا يموتون فيها ، والآية في الأصل العلامة الظاهرة وتقال للمصنوعات من حيث إنها تدل على الصانع وعلمه وقدرته ولكل طائفة من كلمات القرآن المتميزة عن غيرها بفصل .
تنبيه : في هذه الآيات دلالة على أنّ الجنة مخلوقة وأنها في جهة عالية ، وأنّ التوبة مقبولة ، وأنّ متبع الهدى مأمون العاقبة ، وأن عذاب النار دائم ، وأن الكافر فيه مخلد ، وأن غيره لا يخلد فيه بمفهوم قوله تعالى : { هم فيها خالدون } ( المجادلة ، 17 ) واستدلّ بعض الخوارج كالحشوية وهم قوم جوّزوا الخطاب بما لا يفهم بها على عدم عصمة الأنبياء بوجوه : الأوّل : أنّ آدم عليه السلام كان نبياً وارتكب المنهي والمرتكب له عاص ، والثاني : أنه جعله بارتكابه من الظالمين ، والظالم ملعون لقوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين } ( هود ، 18 ) ، والثالث : أنه أسند إليه العصيان وألغي وقال : { وعصى آدم ربه فغوى } ( طه ، 121 ) ، والرابع : أنه تعالى لقنه التوبة وهي الرجوع عن الذنب والندم عليه ، والخامس : اعترافه بأنه خاسر لولا مغفرة الله له بقوله : { وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين } ( الأعراف ، 23 ) والخاسر من يكون ذا كبيرة ، والسادس : أنه لو لم يذنب ما جرى عليه ما جرى . وأجيب عن ذلك بوجوه :
الأوّل : أنه لم يكن نبياً حينئذٍ والمدّعي مطالب بالدليل ولا دليل .
الثاني : أن النهي للتنزيه ، وإنما سمي ظالماً وخاسراً لأنه ظلم نفسه وخسر حظه بترك الأولى وإنما أجرى الله تعالى ما جرى معاتبة على ترك الأولى ووفاء بما قاله تعالى للملائكة قبل خلق آدم : { إني جاعل في الأرض خليفة } ( البقرة ، 30 ) ولا يكون خليفة في الأرض إلا بالإهباط إليها ، وأمر بالتوبة تلافياً لما فاته .
الثالث : أنه فعله ناسياً لقوله تعالى : { فنسي ولم نجد له عزماً } ( طه ، 115 ) ولكن عوقب بترك التحفظ عن أسباب النسيان إذ رفع الإثم بالنسيان من خصائص هذه الأمّة كما ثبت في الأخبار الصحيحة كخبر الشيخين : ( رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان ) .
وروى الترمذيّ وصححه : ( أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ) رواه الحاكم بلفظ ( أشدّ الناس بلاءً الأنبياء ثم العلماء ثم الصالحون ) .
الرابع : أنه عليه الصلاة والسلام أقدم عليه بسبب اجتهاد أخطأ فيه فإنه ظنّ أن النهي للتنزيه أو الإشارة إلى عين تلك الشجرة فتناول من غيرها من نوعها ، وكان المراد بالإشارة الإشارة إلى النوع لا إلى شجرة معينة كما روى أبو داود وغيره ( أنه عليه الصلاة والسلام أخذ حريراً وذهباً بيده وقال : هذان حرام على ذكور أمّتي حلّ لإناثها ) .
فإن قيل : المجتهد إن أخطأ لا يؤاخذ . أجيب : بأنه إنما عوتب على ذلك تعظيماً لشأن الخطيئة ليجتنبها أولاده . وقرأ ورش بإمالة ألف النار بين بين ، وقرأ أبو عمرو والدوري عن الكسائي بالامالة المحضة ، والباقون بالفتح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.