معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

قوله تعالى : { والحب ذو العصف } أراد بالحب جميع الحبوب . قال مجاهد : هو ورق الزرع . قال ابن كيسان : العصف ورق كل شيء يخرج منه الحب ، لا يبدو أولاً ورقاً وهو العصف ثم يكون سوقاً ، ثم يحدث الله فيه أكماماً ، ثم يحدث في الأكمام الحب . وقال ابن عباس في رواية الوالي : هو التبن . وهو قول الضحاك وقتادة : وقال عطية عنه : هو ورق الزرع الأخضر إذا قطع رؤوسه ويبس ، نظيره : { كعصف مأكول } ( الفيل-5 ) . { والريحان } هو الرزق في قول الأكثرين ، قال ابن عباس : كل ريحان في القرآن فهو رزق . وقال الحسن وابن زيد هو ريحانكم الذي يشم ، قال الضحاك : العصف : هو التبن . والريحان ثمرته . وقراءة العامة : ( والحب ذو العصف والريحان ) ، كلها مرفوعات بالرد على الفاكهة . وقرأ ابن عامر : ( والحب ذا العصف والريحان ) بنصب الباء والنون وذا بالألف على معنى : خلق الإنسان وخلق هذه الأشياء . وقرأ حمزة والكسائي ( الريحان ) بالجر عطفاً على العصف فذكر قوت الناس والأنعام .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

ويذكر منها الحب ذا الورق والسيقان التي تعصف وتصير طعاما للماشية . ويذكر منها الريحان . النبات ذا الرائحة . . وهي ألوان من نبات الأرض شتى . منها ما هو طعام للإنسان ومنها ما هو طعام للدواب ، ومنها ما هو روح للناس ومتاع .

وعند هذا المقطع من تعداد أنعم الله وآلائه : تعليم القرآن . وخلق الإنسان . وتعليمه البيان . وتنسيق الشمس والقمر بحسبان . ورفع السماء ووضع الميزان . ووضع الأرض للأنام . وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

{ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ } يعني : التبن .

وقال العَوْفي ، عن ابن عباس : { الْعَصْفِ } ورق الزرع الأخضر الذي قطع رؤوسه ، فهو يسمى العصف إذا يبس . وكذا قال قتادة ، والضحاك ، وأبو مالك : عصفه : تبنه .

وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : { والريحان } يعني : الورق .

وقال الحسن : هو ريحانكم هذا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { والريحان } خضر{[27850]} الزرع .

ومعنى هذا - والله أعلم - أن الحب كالقمح والشعير ونحوهما له في حال نباته عصف ، وهو : ما على السنبلة ، وريحان ، وهو : الورق الملتف على ساقها .

وقيل : العصف : الورق أول ما ينبت الزرع بقلا . والريحان : الورق ، يعني : إذا أدجن وانعقد فيه الحب . كما قال زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته المشهورة .

وَقُولا له : من يُنْبِتُ الحَبَّ في الثَّرى *** فَيُصْبِحَ منه البقلُ يَهْتَزُّ رابيا?

وَيُخْرجَ منْه حَبَّه في رُؤوسه? *** فَفي ذاك آياتٌ لِمَنْ كَانَ واعيا {[27851]}


[27850]:- (1) في أ: "خضرة".
[27851]:- (2) انظر الأبيات في السيرة النبوية لابن هشام (1/228).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

وقوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيحانِ يقول تعالى ذكره : وفيها الحبّ ، وهو حبّ البُرّ والشعير ذو الورق ، والتبن : هو العَصْف ، وإياه عنى علقمة بن عَبَدَة :

تَسْقِي مَذَانِبَ قَدْ مالَتْ عَصِيفَتُها *** حَدُورَها مِنْ أتِيّ المَاء مَطْمومُ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحانُ يقول : التبن .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحانُ قال : العصف : ورق الزرع الأخضر الذي قطع رؤوسه فهو يسمى العصف إذا يبس .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد والحَبّ ذُو العَصْفِ البقل من الزرع .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ وعصفه تبنه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : العصف : التبن .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الضحاك والحَبّ ذِو العَصْفِ قال : الحبّ البرّ والشعير ، والعصف : التّبن .

حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك الخُراسانيّ ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحانُ قال : الحبّ أوّل ما ينبت .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا روقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحانُ قال : العصف : الورق من كل شيء . قال : يقال للزرع إذا قُطع : عصافة ، وكلّ ورق فهو عصافة .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثني يونس بن محمد ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا أبو روق عطية بن الحارث ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ قال : العصف : التبن .

حدثنا سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كُدَينة ، عن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس ذُو العَصْفِ قال : العصف : الزرع .

وقال بعضهم : العصف : هو الحبّ من البرّ والشعير بعينه . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحانُ أما العصف : فهو البرّ والشعير .

وأما قوله : والرّيْحانُ فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : هو الرزق . ذكر من قال ذلك :

حدثني زيد بن أخزم الطائي ، قال : حدثنا عامر بن مدرك ، قال : حدثنا عتبة بن يقظان ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : كلّ ريحان في القرآن فهو رزق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد والرّيْحانُ قال : الرزق .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الضحاك والرّيْحانُ : الرزق ، ومنهم من يقول : ريحاننا .

حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس والرّيْحانُ قال : الريح .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثني يونس بن محمد ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا أبو روق عطية بن الحارث ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَالرّيْحانُ قال : الرزق والطعام .

وقال آخرون : هو الريحان الذي يشمّ . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : الرّيْحانُ ما تنبت الأرض من الريحان .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : والرّيْحانُ أما الريحان : فما أنبتت الأرض من ريحان .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن والرّيْحانُ قال : ريحانكم هذا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : والرّيْحانُ : الرياحين التي توجد ريحها .

وقال آخرون : هو خُضرة الزرع . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : والرّيْحانُ يقول : خُضرة الزرع .

وقال آخرون : هو ما قام على ساق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : الرّيْحانُ ما قام على ساق .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عُنِي به الرزق ، وهو الحبّ الذي يؤكل منه .

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب ، لأن الله جلّ ثناؤه أخبر عن الحبّ أنه ذو العصف ، وذلك ما وصفنا من الورق الحادث منه ، والتبن إذا يبس ، فالذي هو أولى بالريحان ، أن يكون حبه الحادث منه ، إذ كان من جنس الشيء الذي منه العصف ، ومسموع من العرب تقول : خرجنا نطلب رَيْحان الله ورزقه ، ويقال : سبحانَك وريحانَك : أي ورزقك ، ومنه قول النْمر بن تَوْلب :

سَلامُ الإلهِ وَرَيْحانُهُ *** وجَنّتُهُ وسَماءٌ دِرَرْ

وذُكر عن بعضهم أنه كان يقول : العصف : المأكول من الحبّ والريحان : الصحيح الذي لم يؤكل .

واختلفت القراء في قراءة قوله : والرّيْحانُ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين وبعض الكوفيين بالرفع عطفا به على الحبّ ، بمعنى : وفيها الحبّ ذو العصف ، وفيها الريحان أيضا . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين «والرّيْحانِ » بالخفض عطفا به على العصف ، بمعنى : والحبّ ذو العصف وذو الريحان .

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب : قراءة من قرأه بالخفص للعلة التي بينت في تأويله ، وأنه بمعنى الرزق . وأما الذين قرأوه رفعا ، فإنهم وجّهوا تأويله فيما أرى إلى أنه الريحان الذي يشمّ ، فلذلك اختاروا الرفع فيه وكونه خفضا بمعنى : وفيها الحبّ ذو الورق والتبن ، وذو الرزق المطعوم أولى وأحسن لما قد بيّناه قبل .