معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

قوله تعالى : { أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت } بطلت { أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } أي : لا نجعل لهم خطراً وقدراً ، تقول العرب : ما لفلان عندي وزن أي : قدر ، لخسته .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا أحمد عن محمد بن يوسف ، عن محمد بن إسماعيل ، ثنا محمد بن عبد الله ، ثنا سعيد بن مريم ، أنبأنا المغيرة عن أبي الزناد ، عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرؤوا إن شئتم : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا } " . قال أبو سعيد الخدري : يأتي الناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة ، فإذا وزنوها لم تزن شيئاً ، فذلك قوله تعالى : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ْ } أي : جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية ، الدالة على وجوب الإيمان به ، وملائكته ، ورسله ، وكتبه ، واليوم الآخر .

{ فَحَبِطَتْ ْ } بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ْ } لأن الوزن فائدته ، مقابلة الحسنات بالسيئات ، والنظر في الراجح منها والمرجوح ، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها ، وهو الإيمان ، كما قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ْ } لكن تعد أعمالهم وتحصى ، ويقررون بها ، ويخزون بها على رءوس الأشهاد ، ثم يعذبون عليها ، ولهذا قال : { ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ ْ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

جملة هي استئناف بياني بعد قوله { هل ننبئكم } .

وجيء باسم الإشارة لتمييزهم أكمل تمييز لئلا يلتبسوا بغيرهم على نحو قوله تعالى : { أولئك هم المفلحون } [ البقرة : 5 ] .

وللتنبيه على أن المشار إليهم أحرياء بما بعد اسم الإشارة من حكم بسبب ما أجري عليهم من الأوصاف .

والآيات : القرآن والمعجزات .

والحبط : البطلان والدحض .

وقوله : { ربّهم } يجري على الوجه الأول في نون { هل ننبئكم } أنه إظهار في مقام الإضمار . ومقتضى الظاهر أن يقال : أولئك الذين كفروا بآياتنا ، ويجري على الوجهين الثاني والثالث أنه على مقتضى الظاهر .

ونون { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } على الوجه الأول في نون { قل هل ننبئكم } جارية على مقتضى الظاهر .

وأما على الوجهين الثالث والرابع فإنها التفات عن قوله { بآيات ربّهم ، } ومقتضى الظاهر أن يقال : فلا يقيم لهم .

ونفي إقامة الوزن مستعمل في عدم الاعتداد بالشيء ، وفي حقارته لأن الناس يزنون الأشياء المتنافس في مقاديرها والشيء التافه لا يوزن ، فشبهوا بالمحقرات على طريقة المكنية وأثبت لهم عدم الوزن تخييلاً .

وجُعل عدم إقامة الوزن مفرعاً على حبط أعمالهم لأنهم بحبط أعمالهم صاروا محقرين لا شيء لهم من الصالحات .