معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

قوله تعالى :{ لقد أنزلنا إليكم كتاباً } يا معشر قريش { فيه ذكركم } يعني : شرفكم ، كما قال وإنه لذكر لك ولقومك وهو شرف لمن آمن به . وقال مجاهد : فيه حديثكم . وقال الحسن : فيه ذكركم أي ما تحتاجون إليه من أمر دينكم . { أفلا تعقلون* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

{ 10 } { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }

لقد أنزلنا إليكم - أيها المرسل إليهم ، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - كتابا جليلا ، وقرآنا مبينا { فِيهِ ذِكْرُكُمْ } أي : شرفكم وفخركم وارتفاعكم ، إن تذكرتم به ما فيه من الأخبار الصادقة فاعتقدتموها ، وامتثلتم ما فيه من الأوامر ، واجتنبتم ما فيه من النواهي ، ارتفع قدركم ، وعظم أمركم ، { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } ما ينفعكم وما يضركم ؟ كيف لا ترضون ولا تعملون على ما فيه ذكركم وشرفكم في الدنيا والآخرة ، فلو كان لكم عقل ، لسلكتم هذا السبيل ، فلما لم تسلكوه ، وسلكتم غيره من الطرق ، التي فيها ضعتكم وخستكم في الدنيا والآخرة وشقاوتكم فيهما ، علم أنه ليس لكم معقول صحيح ، ولا رأي رجيح .

وهذه الآية ، مصداقها ما وقع ، فإن المؤمنين بالرسول ، الذين تذكروا بالقرآن ، من الصحابة ، فمن بعدهم ، حصل لهم من الرفعة والعلو الباهر ، والصيت العظيم ، والشرف على الملوك ، ما هو أمر معلوم لكل أحد ، كما أنه معلوم ما حصل ، لمن لم يرفع بهذا القرآن رأسا ، ولم يهتد به ويتزك به ، من المقت والضعة ، والتدسية ، والشقاوة ، فلا سبيل إلى سعادة الدنيا والآخرة إلا بالتذكر بهذا الكتاب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

{ لقد أنزلنا إليكم } يا قريش { كتابا } يعني القرآن . { فيه ذكركم } صيتكم كقوله { وإنه لذكر لك ولقومك } أو موعظتكم أو ما تطلبون به حسن الذكر من مكارم الأخلاق { أفلا تعقلون } فتؤمنون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

ثم وبخهم تعالى بقوله : { لقد أنزلنا } الآية و «الكتاب » القرآن . وقوله تعالى : { فيه ذكركم } يحتمل أن يكون في الذكر الذي أنزله الله تعالى إليكم بأمر دينكم وآخرتكم ونجاتكم من عذابه ، فأضاف الذكر إليهم حيث هو في أمرهم ويحتمل أن يريد فيه شرفكم وذكركم آخر الآية . كما تذكر عظام الأُمور ، وفي هذا تحريض ثم تأكد التحريض بقوله { أفلا تعقلون } وحركهم ذلك إلى النصر ، ثم مثل لهم على جهة التوعد بمن سلف من الأُمم المعذبة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

استئناف جوابٌ عن قولهم { فليأتنا بآية كما أرسل الأولون } [ الأنبياء : 5 ] بإيقاظهم إلى أن الآية التي جاءتهم هي أعظم من الآيات التي أرسل بها الأولون ، وتجهيلاً لألبابهم التي لم تُدرك عِظم الآية التي جاءتهم كما أنبأ بذلك موقع هذه الجملة في هذا المكان .

وفي ضمير ذلك تحقيق لكون القرآن حقاً ، وتذكير بما يشتمل عليه من المنافع التي عَمُوا عنها فيما حكي عنهم أول السورة بقوله تعالى : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم مُحدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم } [ الأنبياء : 23 ] كما أنبأ بذلك ظاهر معنى الآية .

ولقصد هذا الإيقاظ صُدِّرت الجملة بما يفيد التحقيق من لام القسم وحرف التحقيق وجعل إنزال الكتاب إليهم كما اقتضته تعدية فعل { أنزلنا } بحرف ( إلى ) شأن تعدية فعل الإنزال أن يكون المجرور ب « إلى » هو المنزّل إليه فجعل الإنزال إليهم لكونهم بمنزلة من أنزل إليه نظراً إلى أن الإنزال كان لأجلهم ودعوتهم . وذلك أبلغ من أن يقال : لقد أنزلنا لكم .

وتنكير { كتاباً } للتعظيم إيماء إلى أنه جمع خصلتين عظيمتين : كونه كتاب هدى ، وكونه آية ومعجزة للرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله أو مُدَانِيه .

والذكر يطلق على التذكير بما فيه الصلاح ، ويطلق على السمعة والصيت كقوله { ذكر رحمة ربك عبده زكرياء } [ مريم : 2 ] . وقد أوثر هذا المصدر هنا وجُعل معرفاً بالإضافة إلى ضمير المخاطبين ليكون كلاماً موجهاً فيصح قصد المعنيين معاً من كلمة ( الذكر ) بأن مجيء القرآن مشتملاً على أعظم الهدى ، وهو تذكير لهم بما به نهاية إصلاحهم ، ومجيئه بلغتهم ، وفي قومهم ، وبواسطة واحد منهم ، سمعةٌ عظيمة لهم كما قال تعالى : { بلسان عربي مبين } [ الشعراء : 195 ] وقال { كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم } [ البقرة : 151 ] .

وقد فسر السلف هذه الآية بالمعنيين . وفي « تفسير الطبري » هنا قال جماعة : معنى « فيه ذكركم » أنه الشرَف ، أي فيه شرفكم . وقال ابن عطية : يحتمل أن يريد فيه شرفكم وذكركم آخر الدهر كما تذكر عظام الأمور ، وقد فُسر بمثل ذلك قوله تعالى { وإنه لذكر لك ولقومك } [ الزخرف : 44 ] .

وعلى المعنيين يكون لِتفريع قوله تعالى { أفلا تعقلون } أحسنُ موقع لأن الاستفهام الإنكاري لنفي عقلهم متجه على كلا المعنيين فإن من جاءه ما به هديه فلم يهتد يُنكَر عليه سوء عقله ، ومن جاءه ما به مجده وسمعته فلم يعبأ به ينكر عليه سوء قدره للأمور حق قدرها كما يكون الفضل في مثله مضاعفاً .

وأيضاً فهو متفرع على الإقناع بإنزال القرآن آية تفوق الآيات التي سألوا مثلها وهو المفاد من الاستئناف ومن تأكيد الجملة بالقسم وحرففِ التحقيق قال تعالى : { أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون } في سورة [ العنكبوت : 51 ] ، وذلك لإعجازه اللفظي والمعنوي .