البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

9

والكتاب هو القرآن . وعن ابن عباس : { ذكركم } شرفكم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، وعن الحسن ذكر دينكم ، وعن مجاهد فيه حديثكم ، وعن سفيان مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم .

وقيل : تذكرة لتحذروا ما لا يحل وترغبوا فيما يجب .

وقال صاحب التحرير : الذي يقتضيه سياق الآيات أن المعنى فيه ذكر مشانئكم ومثالبكم وما عاملتهم به أنبياء الله من التكذيب والعناد ، فعلى هذا تكون الآية ذماً لهم وليست من تعداد النعم عليهم ، ويكون الكلام على سياقه ويكون معنى قوله { هل هذا إلاّ بشر مثلكم } { أفلا تعقلون } إنكاراً عليهم على إهمالهم المتدبر والتفكر المؤديين إلى اقتضاء الغفلة .

وقال ابن عطية : يحتمل أن يريد فيه شرفكم وذكركم آخر الدهر كما نذكر عظام الأمور ، وفي هذا تحريض ثم أكد التحريض بقوله { أفلا تعقلون } وحركهم بذلك إلى النظر .

وقال الزمخشري نحوه قال : { ذكركم } شرفكم وصيتكم كما قال { وإنه لذكر لك ولقومك } أو موعظتكم أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء ، وحسن الذكر كحسن الجوار والوفاء بالعهد وصدق الحديث وأداء الأمانة والسخاء وما أشبه ذلك .