فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (10)

{ ولقد أنزلنا إليكم } يا معشر قريش { كتابا } عظيم الشأن نير البرهان ، يعني القرآن { فيه ذكركم } كلام مستأنف مسوق لتحقيق أحقية القرآن الذي ذكر في صدر السورة إعراضهم عما يأتيهم منه ، والمراد بالذكر هنا الشرف ، أي فيه شرفكم ، قاله ابن عباس ، كقوله : وإنه لذكر لك ولقومك ، أي فيه ما يوجب الثناء عليكم لكونه بلسانكم نازلا بين أظهركم على لسان رسول منكم ، واشتهاره سبب لاشتهاركم ، وجعل ذلك فيه مبالغة في سببيته له .

وقيل أي ذكر أمر دينكم وأحكام شرعكم وما تصيرون إليه من ثواب أو عقاب ، وقيل فيه حديثكم ، قاله مجاهد والحسن .

وقيل مكارم أخلاقكم وقيل صيتكم ، وقيل فيه تذكرة لكم لتحذروا ، فيكون الذكر بمعنى الوعد والوعيد ، وقيل فيه موعظتكم ، قال أبو السعود : وهو الأنسب بسياق النظم الكريم ومساقه فإن قوله :

{ أفلا تعقلون } إنكار توبيخي فيه بعث لهم على التدبر في أمر الكتاب والتأمل فيما في تضاعيفه من فنون المواعظ والزواجر التي من جملتها القوارع السابقة واللاحقة ، والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ، أي ألا تتفكرون فلا تعقلون أن الأمر كذلك ، أو لا تعقلون شيئا من الأشياء التي من جملتها ما ذكر ؟ ثم أوعدهم وحذرهم ما جرى على الأمم المكذبة فقال :