قوله تعالى : { أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت } بطلت { أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } أي : لا نجعل لهم خطراً وقدراً ، تقول العرب : ما لفلان عندي وزن أي : قدر ، لخسته .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا أحمد عن محمد بن يوسف ، عن محمد بن إسماعيل ، ثنا محمد بن عبد الله ، ثنا سعيد بن مريم ، أنبأنا المغيرة عن أبي الزناد ، عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرؤوا إن شئتم : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا } " . قال أبو سعيد الخدري : يأتي الناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة ، فإذا وزنوها لم تزن شيئاً ، فذلك قوله تعالى : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ْ } أي : جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية ، الدالة على وجوب الإيمان به ، وملائكته ، ورسله ، وكتبه ، واليوم الآخر .
{ فَحَبِطَتْ ْ } بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ْ } لأن الوزن فائدته ، مقابلة الحسنات بالسيئات ، والنظر في الراجح منها والمرجوح ، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها ، وهو الإيمان ، كما قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ْ } لكن تعد أعمالهم وتحصى ، ويقررون بها ، ويخزون بها على رءوس الأشهاد ، ثم يعذبون عليها ، ولهذا قال : { ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ ْ }
{ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم } بالقرآن أو بدلائله المنصوبة على التوحيد والنبوة . { ولقائه } بالبعث على ما هو عليه أو لقاء عذابه . { فحبطت أعمالهم } بكفرهم فلا يثابون عليها . { فلا نُقيم لهم يوم القيامة وزنا } فنزدري بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا ، أو لا نضع لهم ميزانا يوزن به أعمالهم لانحباطها .
و «حبطت » معناه : بطلت ، و { أعمالهم } : يريد ما كان لهم من عمل خير ، وقوله { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً }{[1]} يحتمل أن يريد أنه لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ، ومن لا حسنة له فهو في النار لا محالة ، ويحتمل أن يريد المجاز والاستعارة ، كأنه قال فلا قدر لهم عندنا يومئذ ، فهذا معنى الآية عندي ، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يؤتى بالأكول الشروب الطويل فلا يزن بعوضة » ثم يقرأ { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .
وقرأ الجمهور «فحبِطت » بكسر الباء ، وقرأ ابن عباس وأبو السمال «فحبَطت » بفتح الباء ، وقرأ كعب بن عجرة{[2]} والحسن وأبو عمرو ونافع والناس «فلا نقيم لهم » بنون العظمة ، وقرأ مجاهد «فلا يقيم » ، بياء الغائب ، يريد فلا يقيم الله عز وجل ، وقرأ عبيد بن عمير : «فلا يقوم » ويلزمه أن يقرأ «وزن » ، وكذلك قول مجاهد «يقول لهم يوم القيامة » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.