معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

قوله تعالى : { لا يسمعون فيها } في الجنة { لغواً } ، باطلاً وفحشاً وفضولاً من الكلام . وقال مقاتل : هو اليمين الكاذبة { إلا سلاماً } ، استثناء من غير جنسه ، يعني : بل يسمعون فيها سلاماً . أي : قولاً يسلمون منه ، والسلام اسم جامع للخير ، لأنه يتضمن السلامة . معناه : إن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤثمهم ، إنما يسمعون ما يسلمهم . وقيل : هو تسليم بعضهم على بعض ، وتسليم الملائكة عليهم . وقيل : هو تسليم الله عليهم . { ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشياً } ، قال أهل التفسير : ليس في الجنة ليل يعرف به البكرة والعشي ، بل هم في نور أبداً ، ولكنهم يأتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار . وقيل : إنهم يعرفون وقت النهار برفع الحجب ، ووقت الليل بإرخاء الحجب . وقيل : المراد منه رفاهية العيش ، وسعة الرزق من غير تضييق . وكان الحسن البصري يقول : كانت العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشي ، فوصف الله عز وجل جنته بذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

{ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } أي : كلاما لاغيا لا فائدة فيه ، ولا ما يؤثم ، فلا يسمعون فيها شتما ، ولا عيبا ، ولا قولا فيه معصية لله ، أو قولا مكدرا ، { إِلَّا سَلَامًا } أي : إلا الأقوال السالمة من كل عيب ، من ذكر لله ، وتحية ، وكلام سرور ، وبشارة ، ومطارحة الأحاديث الحسنة بين الإخوان ، وسماع خطاب الرحمن ، والأصوات الشجية ، من الحور والملائكة والولدان ، والنغمات المطربة ، والألفاظ الرخيمة ، لأن الدار ، دار السلام ، فليس فيها إلا السلام التام في جميع الوجوه . { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } أي : أرزاقهم من المآكل والمشارب ، وأنواع اللذات ، مستمرة حيثما طلبوا ، وفي أي : وقت رغبوا ، ومن تمامها ولذاتها وحسنها ، أن تكون في أوقات معلومة . { بُكْرَةً وَعَشِيًّا } ليعظم وقعها ويتم نفعها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

{ لا يسمعون فيها لغوا } فضول كلام . { إلا سلاما } ولكن يسمعون قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة ، أو تسليم الملائكة عليهم أو تسليم بعضهم على بعض على الاستثناء المنقطع ، أو على أن معنى التسليم إن كان لغوا فلا يسمعون لغوا سواه كقوله :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب

أو على أن معناه الدعاء بالسلامة وأهلها أغنياء عنه فهو من باب اللغو ظاهرا وإنما فائدته الإكرام . { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } على عادة المتنعمين والتوسط بين الزهادة والرغابة ، وقيل المراد دوام الرزق ودروره .