قوله : { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } . اللغو من{[21787]} الكلام : ما يلقى ويطرح ، وهو المنكر من القول كقوله : { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً }{[21788]} . وقال مقاتل{[21789]} : هي اليمين الكاذبة{[21790]} وفيه دلالة على وجوب اجتناب اللغو ، لأن الله -تعالى- نزه عنه الدار التي لا تكليف فيها ، ولقوله : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً }{[21791]} ، وقوله : { وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ }{[21792]} {[21793]} الآية{[21794]} .
أبدى الزمخشري فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون{[21795]} معناه : إن كان تسليم بعضهم على بعض ، أو تسليم الملائكة عليهم لغواً ، فلا يسمعون لغواً إلا ذلك ، فهو من وادي قوله{[21796]} :
وَلا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ *** بِهِنَّ فلولٌ مِنْ قِراعِ الكَتائِبِ{[21797]}
الثاني : أنهم لا يسمعون فيها إلا قولاً يسلمون فيه من العيب والنقصان على الاستثناء المنقطع .
الثالث : أن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة ، ودار السلامة هي دار السلامة ، وأهلها أغنياء عن الدعاء بالسلامة ، فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث ، لولا ما فيه من فائدة الإكرام{[21798]} .
وظاهر هذا أن الاستثناء على الأول والأخير متصل ، فإنه صرح بالمنقطع في الثاني وأما اتصال الثالث فواضح ، لأنه أطلق اللغو على السلام بالاعتبار الذي ذكره .
وأما الاتصال في الأول فعسر{[21799]} ، إذ لا يعدُّ ذلك عيباً ، فليس من جنس الأول وسيأتي تحقيق هذا إن شاء الله -تعالى- عند قوله : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى }{[21800]} .
قوله : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } فيه سؤالان{[21801]} :
السؤال الأول{[21802]} : أن المقصود من هذه الآيات وصف الجنة بآيات مستعظمة ووصول الرزق إليهم بكرة وعشياً ليس من الأمور المستعظمة .
الأول : قال الحسن : أراد تعالى أن يرغب كل قوم بما أحبوه في الدنيا ، فلذلك ذكر أساور الذهب والفضة ، ولبس الحرير التي كانت{[21803]} عادة العجم ، والأرائك التي هي الحجال{[21804]} المضروبة على الأسرَّة ، وكانت عادة أشراف اليمن ، ولا شيء كان أحب إلى العرب من الغداء والعشاء فوعدهم بذلك .
الثاني : المراد دوام الرزق ، تقول : أنا عند فلان صباحاً ومساء{[21805]} ، تريد الدوام ، ولا تقصد الوقتين المعلومين .
السؤال الثاني : قال تعالى : { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً }{[21806]} وقال عليه السلام{[21807]} : " لا صباح عند ربك ولا مساء بل هم في نور أبداً " {[21808]} .
والبكرة والعشيّ لا يوجدان{[21809]} إلا عند وجود الصباح والمساء .
والجواب : أنهم يأكلون على مقدار الغداة والعشي ، لا أن في الجنة غدوة ولا عشياً ، إذ لا ليل فيها{[21810]} .
وقيل : إنهم يغرقون النهار برفع الحجب ، ووقت الليل بإرخاء الحجب{[21811]} .
وقيل : المراد رفاهية العيش ، وسعة الرزق{[21812]} ، أي : لهم رزقهم متى شاءوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.