الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

قوله تعالى ذكره : { لا يسمعون فيها لغوا }[ 62 ] إلى قوله { وما كان ربك نسيا }[ 64 ] .

أي : لا يسمعون في الجنة لغوا وهو الهدر والباطل من القول .

{ إلا سلاما } أي : تحييهم الملائكة من كل باب بالسلام .

وقوله : ( إلا سلاما ) استثناء ليس من الأول{[44468]} .

وقيل{[44469]} : هو بدل من لغو{[44470]} .

ثم قال تعالى : { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا }[ 62 ] . أي : لهم ما يشتهون من المطاعم ، قدر وقت البكرة ووقت العشي من نهار{[44471]} الدنيا . إذ لا ليل في الجنة ولا نهار .

قال مجاهد : ليس{[44472]} ( بكرة ) ولا ( عشي ) ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا{[44473]} .

خاطبهم الله بأعظم ما كان في أنفسهم من العيش .

وكانت العرب إذا أصاب أحدهم الغذاء والعشاء عجب به{[44474]} فأخبرهم الله أن لهم في الجنة ذلك الذي يعجبهم{[44475]} .

وقال زهير بن محمد{[44476]} : ( ليس في الجنة ليل . هم في نور أبدا ولهم مقدار الليل والنهار . يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب . ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ){[44477]} .

وقيل : معنى الآية{[44478]} : { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } مقدار ما يكفيهم لكل ساعة ولكل وقت يريدون فيه الأكل .


[44468]:انظر: معاني الأخفش 2/403.
[44469]:وهو قول الأخفش في معاني القرآن 2/403.
[44470]:ز: لغوا.
[44471]:ز: نهار أهل الدنيا.
[44472]:ز: هذا ليس.
[44473]:انظر: زاد المسير 5/247 وتفسير ابن كثير 3/129.
[44474]:ز: أعجب به.
[44475]:هذا تأويل الحسن في جامع البيان 16/102 والدر المنثور 4/278.
[44476]:هو زهير بن محمد بن قمير الإمام الحافظ، القدوة، أبو محمد المروزي نزيل بغداد (ت 257 هـ) انظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ 2/551 وتهذيب التهذيب 3/347.
[44477]:انظر: جامع البيان 16/102 وزاد المسير 5/248 والدر المنثور 4/278.
[44478]:ز: الآيات.