" لا يسمعون فيها لغوا " أي في الجنة واللغو معناه الباطل من الكلام والفحش منه والفضول ومالا ينتفع به ومنه الحديث ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقه لغوت ) ويروى " لغيت " وهي لغة أبي هريرة كما قال الشاعر{[10895]}
ورَبِّ أسرابِ حجيج كُظَّمِ *** عن اللَّغَا ورَفَثِ التَّكَلُّمِ
قال ابن عباس : اللغو كل ما لم يكن فيه ذكر الله تعالى أي كلامهم في الجنة حمد الله وتسبيحه " إلا سلاما " أي لكن يسمعون سلاما فهو من الاستثناء المنقطع يعني سلام بعضهم على بعض وسلام الملك عليهم . قاله مقاتل وغيره ، والسلام اسم جامع للخير والمعنى أنهم لا يسمعون فيها إلا ما يحبون قوله تعالى : " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " أي لهم ما يشتهون من المطاعم والمشارب بكرة وعشيا أي قدر هذين الوقتين إذ لا بكرة ثم ولا عشيا كقوله تعالى " غدوها شهر ورواحها{[10896]} شهر " أي قدر شهر ، قال معناه ابن عباس وابن جريج وغيرهما . وقيل : عرّفهم اعتدال أحوال أهل الجنة ، وكان أهنأ النعمة عند العرب التمكين من المطعم والمشرب بكرة وعشيا ، قال يحيى بن أبي كثير وقتادة : كانت العرب في زمانها من وجد غداء وعشاء معا فذلك هو الناعم ، فنزلت . وقيل : أي رزقهم فيها غير منقطع كما قال ( لا مقطوعة ولا ممنوعة{[10897]} ) كما تقول : أنا أصبح وأمسي في ذكرك أي ذكري لك دائم . ويحتمل أن تكون البكرة قبل تشاغلهم بلذاتهم والعشي بعد فراغهم من لذاتهم ؛ لأنه يتخللها فترات انتقال من حال إلى حال ، وهذا يرجع إلى القول الأول ، وروى الزبير بن بكار عن إسماعيل بن أبي أويس قال : قال مالك بن أنس طعام المؤمنين في اليوم مرتان ، وتلا قول الله عز وجل " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " ثم قال : وعوض الله عز وجل المؤمنين في الصيام السحور بدلا من الغداء ليقووا به على عبادة ربهم . وقيل : إنما ذكر ذلك ؛ لأن صفة الغداء وهيئته [ تخلف ] عن صفة العشاء وهيئته ، وهذا لا يعرفه إلا الملوك ، وكذلك يكون في الجنة رزق الغداء غير رزق العشاء تتلون عليهم النعم ليزدادوا تنعما وغبطة . وخرج الترمذي الحكيم في ( نوادر الأصول ) من حديث أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا : قال رجل : يا رسول الله هل في الجنة من ليل ؟ قال ( وما هيجك على هذا ) قال : سمعت الله تعالى يذكر في الكتاب : " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " فقلت : الليل بين البكرة والعشي ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس هناك ليل إنما هو ضوء ونور ، يَردُّ الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة ) وهذا في غاية البيان لمعنى الآية ، وقد ذكرناه في كتاب ( التذكرة ) وقال العلماء : ليس في الجنة ليل ولا نهار ، وإنما هم في نور أبدا إنما يعرفون مقدار الليل من النهار بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ، ذكره أبو الفرج الجوزي والمهدوي وغيرهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.