الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

اللغو : فضول الكلام ومالا طائل تحته . وفيه تنبيه ظاهر على وجوب تجنب اللغو واتقائه ، حيث نزه الله عنه الدار التي لا تكليف فيها . وما أحسن قوله سبحانه { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً } [ الفرقان : 72 ] { وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أعمالنا وَلَكُمْ أعمالكم سلام عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الجاهلين } [ القصص : 55 ] نعوذ بالله من اللغو والجهل والخوض فيما لا يعنينا ، أي : إن كان تسليم بعضهم على بعض أو تسليم الملائكة عليهم لغواً ، فلا يسمعون لغواً إلا ذلك ، فهو من وادي قوله :

وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُم *** بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

أو لا يسمعون فيها إلا قولاً يسلمون فيه من العيب والنقيصة ، على الاستثناء المنقطع . أو لأن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة . ودار السلام : هي دار السلامة ، وأهلها عن الدعاء بالسلامة أغنياء ، فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث ، لولا ما فيه من فائدة الإكرام .

من الناس من يأكل الوجبة . ومنهم من يأكل متى وجد - وهي عادة المنهومين . ومنهم من يتغدى ويتعشى - وهي العادة الوسطى المحمودة ، ولا يكون ثم ليل ولا نهار ، ولكن على التقدير ؛ ولأن المتنعم عند العرب من وجد غداء وعشاء . وقيل : أراد دوام الرزق ودروره ، كما تقول : أنا عند فلان صباحاً ومساء وبكرة وعشياً ، يريد : الديمومة ، ولا تقصد الوقتين المعلومين .