معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

وقوله عز وجل : { إن المصدقين والمصدقات } قرأ ابن كثير ، وأبو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد فيهما من التصديق أي : المؤمنين والمؤمنات ، وقرأ الآخرون بتشديدهما أي المتصدقين والمتصدقات أدغمت التاء في الصاد ، { وأقرضوا الله قرضاً حسناً } بالصدقة والنفقة في سبيل الله عز وجل ، { يضاعف لهم } ذلك القرض { ولهم أجر كريم } ثواب حسن وهو الجنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

{ 18-19 } { إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ *وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }

{ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ } بالتشديد أي : الذين أكثروا من الصدقات الشرعية ، والنفقات المرضية ، { وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } بأن قدموا من أموالهم في طرق الخيرات ما يكون مدخرا لهم{[986]}  عند ربهم ، { يُضَاعَفُ لَهُمُ } الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة ، { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } وهو ما أعده الله لهم في الجنة ، مما لا تعلمه النفوس .


[986]:- في ب: ذخرا.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

ويتبع هذه اللمسة المحيية ، وذلك العتاب المخجل ، وذاك التذكير والتحذير ، بحافز جديد للبذل والفداء :

( إن المصدقين والمصدقات ، وأقرضوا الله قرضا حسنا ، يضاعف لهم ولهم أجر كريم . والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون ، والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ؛ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) . .

إن المتصدقين والمتصدقات لا يتفضلون على آخذي الصدقات ، ولا يتعاملون في هذا مع الناس . إنما هم يقرضون الله ويتعاملون مباشرة معه . فأي حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد ، وأنه يتعامل مع مالك الوجود? وأن ما ينفقه مخلف عليه مضاعفا ؛ وأن له بعد ذلك كله أجرا كريما ?

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

قرأ جمهور القراء : «إن المصَّدقين » بشد الصاد المفتوحة على معنى المتصدقين ، وفي مصحف أبيّ بن كعب : «إن المتصدقين » ، فهذا يؤيد هذه القراءة ، وأيضاً فيجيء قوله تعالى : { وأقرضوا الله قرضاً حسناً } ملائماً في الكلام للصدقة . وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم «إن المصَدقين » بتخفيف الصاد على معنى : إن الذين صدقوا رسول الله فيما بلغ عن الله وآمنوا به ، ويؤيد هذه القراءة أنها أكثر تناولاً ، لأن كثيراً ممن لا يتصدق يعمه اللفظ في التصديق . ثم إن تقييدهم بقوله : { وأقرضوا } يرد مقصد القراءتين قريباً بعضه من بعض .

وقوله : { أقرضوا } معطوف على المعنى ، لأن معنى قوله : { إن المصدقين والمصدقات } إن الذين تصدقوا ، ولا يصح هنا عطف لفظي ، قاله أبو علي في الحجة . وقد تقدم معنى القرض ، ومعنى المضاعفة التي وعد الله بها هذه الأمة . وقد تقدم معنى وصف الأجر بالكريم ، كل ذلك في هذه السورة .

قال القاضي أبو محمد : ويؤيد عندي قراءة من قرأ : «إن المصّدقين » بشد الصاد . إن الله تعالى حض في هذه الآية على الإنفاق وفي سبيل الله تعالى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

يشبه أن تكون هذه الآية من المدني وأن تكون متصلة المعنى بقوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم } [ الحديد : 11 ] وأن آية { ألم يأن للذين آمنوا } [ الحديد : 16 ] وما بعدها معترض . وقد تخلل المكي والمدني كل مع الآخر في هذه السورة ألاَ ترى أن ألفاظ الآيتين متماثلة إذ أريد أن يعاد ما سبق من التحريض على الإِنفاق فيُؤتى به في صورة الصلة التي عُرف بها الممتثلون لذلك التحريض .

وعطف { والمصدقات } كما تقدم في قوله : { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات } [ الحديد : 12 ] ، ولأن الشُحَّ يكثر في النساء كما دلت عليه أشعار العرب .

وقرأ الجمهور { والمصّدقين } بتشديد الصاد على أن أصله المتصدقين فأدغمت التاء في الصاد بعد قَلْبِهَا صاداً لقرب مخرجيهما تطلباً لخفة الإِدغام ، فقوله : { واقرضوا الله قرضاً حسناً } من عطف المرادف في المعنى لما في المعطوف من تشبيه فِعلهم بقرض لله تنويهاً بالصدقات .

وقرأه ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد على أنه من التصديق ، أي الذين صدَّقوا الرسول صلى الله عليه وسلم أي آمنوا وامتثلوا أمره فأقرضوا الله قرضاً حسناً .

وقرأ الجمهور { يضاعف لهم } بألف بعد الضاد . وقرأه ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب { يضعّف } بدون ألف وبتشديد العين .

وعطف { واقرضوا } وهو جملة على { المصدقين } وهو مفرد لأن المفرد في حكم الفعل حيث كانت اللام في معنى الموصول فقوة الكلام : إن الذين اصَّدَّقوا واللائي تصدقْنَ وأقرضوا ، على التغليب ولا فَصْلَ بأجنبي على أن الفصل لا يمنع إذا لم يفسد المعنى .

ووجه العدول عن تماثل الصلتين فلم يقل : إن المصدقين والمقرضين ، هو تصوير معنى كون التصدق إقراضاً لله .

وتقدم معنى { يضاعف لهم ولهم أجر كريم } في قوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له } [ الحديد : 11 ] الآية .