جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

وقوله : إنّ المُصّدّقِينَ وَالمُصّدّقاتِ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار ، خلا ابن كثير وعاصم بتشديد الصاد والدال ، بمعنى أن المتصدّقين والمتصدّقات ، ثم تُدغم التاء في الصاد ، فتجعلها صادا مشدّدة ، كما قيل : يا أيها المُزّمّلُ يعني المتزمل . وقرأ ابن كثير وعاصم «إنّ المُصَدّقِينَ والمُصَدقاتِ » بتخفيف الصاد وتشديد الدال ، بمعنى : إن الذين صدقوا الله ورسوله .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان صحيح معنى كلّ واحدة منهما فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

فتأويل الكلام إذن على قراءة من قرأ ذلك بالتشديد في الحرفين : أعني في الصاد والدال ، أن المتصدّقين من أموالهم والمتصدّقات وأقْرَضُوا للّهِ قَرْضا حَسَنا يعني بالنفقة في سبيله ، وفيما أمر بالنفقة فيه ، أو فيما ندب إليه يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أجْرٌ كَرِيمٌ يقول : يضاعف الله لهم قروضهم التي أقرضوها إياه ، فيوفيهم ثوابها يوم القيامة ، وَلَهُمْ أجْرٌ كَرِيمٌ يقول : ولهم ثواب من الله على صدقهم ، وقروضهم إياه كريم ، وذلك الجنة .