معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (13)

حض المسلمين على القتال : فقال جل ذكره { ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم } ، نقضوا عهودهم ، وهم الذين نقضوا عهد الصلح بالحديبية وأعانوا بني بكر على قتال خزاعة .

قوله تعالى : { وهموا بإخراج الرسول } ، من مكة حين اجتمعوا في دار الندوة .

قوله تعالى : { وهم بدؤوكم } ، بالقتال

قوله تعالى : { أول مرة } ، يعنى : يوم بدر ، وذلك أنهم قالوا حين سلم العير : لا ننصرف حتى نستأصل محمدا وأصحابه . وقال جماعة من المفسرين : أراد أنهم بدأوا بقتال خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

قوله تعالى : { أتخشونهم } ، تخافونهم ، فتتركون قتالهم .

قوله تعالى : { فالله أحق أن تخشوه } ، في ترك قتالهم .

قوله تعالى : { إن كنتم مؤمنين }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (13)

{ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ ْ } الذي يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه ؟ وهم هموا أن يجلوه ويخرجوه من وطنه وسعوا في ذلك ما أمكنهم ، { وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ْ } حيث نقضوا العهد وأعانوا عليكم ، وذلك حيث عاونت{[363]}  قريش -وهم معاهدون- بني بكر حلفاءهم على خزاعة حلفاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وقاتلوا معهم كما هو مذكور مبسوط في السيرة .

{ أَتَخْشَوْنَهُمْ ْ } في ترك قتالهم { فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ْ } فإنه{[364]}  أمركم بقتالهم ، وأكد ذلك عليكم غاية التأكيد .


[363]:- في ب: أعانت.
[364]:- في ب: فالله
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (13)

( ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم ، وهموا بإخراج الرسول ، وهم بدأوكم أول مرة ? أتخشونهم ? فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين . قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ، ويخزهم وينصركم عليهم ، ويشف صدور قوم مؤمنين ، ويذهب غيظ قلوبهم ، ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم . أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ، ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة ? والله خبير بما تعملون ) . .

تجيء هذه الفقرة بعد الفقرة السابقة التي تقرر فيها الاستنكار من ناحية المبدأ لأن يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ؛ والأمر بتخيير المشركين في الجزيرة بين الدخول فيما دخل فيه المسلمون أو قتالهم - إلا من استجار فيجار حتى يسمع كلام الله ثم يبلغ مأمنه خارج دار الإسلام - وبيان علة هذا الاستنكار ؛ وهي أنهم لا يرعون إلا ولا ذمة في مؤمن متى ظهروا على المؤمنين .

تجيء هذه الفقرة لمواجهة ما حاك في نفوس الجماعة المسلمة - بمستوياتها المختلفة التي سبق الحديث عنها - من تردد وتهيب للإقدام على هذه الخطوة الحاسمة ! ومن رغبة وتعلل في أن يفيء المشركون الباقون إلى الإسلام دون اللجوء إلى القتال الشامل ! ومن خوف على النفوس والمصالح وركون إلى أيسر الوسائل ! .

والنصوص القرآنية تواجه هذه المشاعر والمخاوف والتعلات باستجاشة قلوب المسلمين بالذكريات والأحداث القريبة والبعيدة . تذكرهم بنقض المشركين لما أبرموه معهم من عهود وما عقدوه معهم من أيمان . وتذكرهم بما هم به المشركون من إخراج الرسول [ ص ] من مكة قبل الهجرة . وتذكرهم بأن المشركين هم الذين بدأوهم بالاعتداء في المدينة . . ثم تثير فيهم الحياء والنخوة أن يكونوا إنما يخشون لقاء المشركين . والله أولى أن يخشوه إن كانوا مؤمنين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (13)

قوله { ألا تقاتلون } عرض وتحضيض ، وقوله { وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة } ، قال الحسن بن أبي الحسن : المراد من المدينة ، وهذا مستقيم كغزوة أحد والأحزاب وغيرهما ، وقال السدي : المراد من مكة فهذا على أن يكون المعنى هموا وفعلوا ، أو على أن يقال هموا بإخراجه بأيديهم فلم يصلوا إلى ذلك بل خرج بأمر الله عز وجل ، وهذا يجري مع إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان بن الحارث قوله : [ الطويل ]

وردني إلى الله من*** طردته كل مطرد

ولا ينسب الإخراج إليهم إلا إذا كان الكلام في طريق تذنيبهم كما قال تعالى { وإخراج أهله منه أكبر عند الله }{[5547]} وقوله : { من قريتك التي أخرجتك }{[5548]} ، والأول هو على أن ما فعلوا به من أسباب الإخراج هو الإخراج ، وقوله { أول مرة } قيل يراد أفعالهم بمكة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين ، وقال مجاهد : يراد به ما بدأت به قريش من معونة بني بكر حلفائهم على خزاعة حلفاء رسول الله عليه وسلم ، فكان هذا بدء النقض ، وقال الطبري : يعني فعلهم يوم بدر ، وقوله { أتخشونهم } استفهام على معنى التقرير والتوبيخ ، وقوله { فالله } مرتفع بالابتداء و { أحق } خبره ، { أن تخشوه } بدل من اسم الله بدل اشتمال أو في موضع نصب على إسقاط خافض تقديره بأن تخشوه ، ويجوز أن يكون { الله } ابتداء و { أحق } ابتداء ثان{[5549]} و { أن تخشوه } خبر الثاني والجملة خبر الأول ، وقوله { إن كنتم مؤمنين } كما تقول افعل كذا إن كنت رجلاً أي رجلاً كاملاً ، فهذا معناه إن كنتم مؤمنين كاملي الإيمان ، لأن إيمانهم قد كان استقر .


[5547]:- من الآية (217) من سورة (البقرة).
[5548]:- من الآية (13) من سورة (محمد).
[5549]:- هكذا في جميع الأصول، وقال أبو حيان تعليقا على ذلك: "وحسن الابتداء بالنكرة لأنها أفعل التفضيل، وقد أجاز سيبويه أن تكون المعرفة خبرا للنكرة في نحو: أقصد رجلا خير منه أبوه".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (13)

تحذير من التواني في قتالهم عدا ما استثني منهم بعد الأمر بقتلهم ، وأسرهم ، وحصارهم ، وسدّ مسالك النجدة في وجوههم ، بقوله : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } إلى قوله { كل مرصد } [ التوبة : 5 ] . وبعد أن أثبتت لهم ثمانية خلال تغري بعدم الهوادة في قتالهم ، وهي قوله : { كيف يكون للمشركين عهد } [ التوبة : 7 ] وقوله : { كيف وإن يظهروا عليكم } [ التوبة : 8 ] وقولُه { يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم } [ التوبة : 8 ] وقولُه : { وأكثرهم فاسقون } [ التوبة : 8 ] وقولُه : { اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً } [ التوبة : 9 ] وقولُه : { لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة } [ التوبة : 10 ] وقولُه : { وأولئك هم المعتدون } [ التوبة : 10 ] وقولُه : { إنهم لا أيمان لهم } [ التوبة : 12 ] .

فكانت جملة { ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم } تحذيراً من التراخي في مبادرتهم بالقتال .

ولفظ { ألا } يحتمل أن يكون مجموع حرفين : هما همزة الاستفهام ، و ( لا ) النافيةُ ، ويحتمل أن يكون حرفاً واحداً للتحْضيض ، مثل قوله تعالى : { ألا تحبون أن يغفر الله لكم } [ النور : 22 ] . فعلى الاحتمال الأول يجوز أن يكون الاستفهام إنكارياً ، على انتفاء مقاتلة المشركين في المستقبل ، وهو ما ذهب إليه البيضاوي ، فيكون دفعاً لأن يَتوهَّم المسلمون حُرمة لتلك العهود . ويجوز أن يكون الاستفهام تقريرياً ، وهو ظاهر ما حمله عليه صاحب « الكشّاف » ، تقريراً على النفي تنزيلاً لهم منزلة من ترك القتال فاستوجب طلب إقراره بتركه ، قال في « الكشاف » : ومعناه الحضّ على القتال على سبيل المبالغة ، وفي « مغني اللبيب » أن { ألا التي للاستفهام عن النفي تختصّ بالدخول على الجملة الاسمية ، وسلّمه شارحاه ، ولا يخفى أنّ كلام « الكشاف » ينادي على خلافه .

وعلى الاحتمال الثاني أن يكون { ألا } حرفاً واحداً للتحْضيض فهو تحْضيض على القتال . وجَعَل في « المغني » هذه الآية مثالاً لهذا الاستعمال على طريقة المبالغة في التحذير ولعلّ موجب هذا التفنّن في التحذير من التهاون بقتالهم مع بيان استحقاقهم إياه : أن كثيراً من المسلمين كانوا قد فرحوا بالنصر يوم فتح مكة ومالوا إلى اجتناء ثمرة السلم ، بالإقبال على إصلاح أحوالهم وأموالهم ، فلذلك لمّا أمروا بقتال هؤلاء المشركين كانوا مظنّة التثاقل عنه خشية الهزيمة ، بعد أن فازوا بسُمعة النصر ، وفي قوله عقبه { أتخشونهم } ما يزيد هذا وضوحاً .

أمّا نكثهم أيمانهم فظاهر مما تقدّم عند قوله تعالى : { إلا الذين عاهدتم من المشركين } [ التوبة : 4 ] وقوله { إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم } [ التوبة : 4 ] الآية . وذلك نكثهم عهد الحديبية إذ أعانوا بني بكر على خزاعة وكانت خزاعة من جانب عهد المسلمين كما تقدّم .

وأمّا همّهم بإخراج الرسول فظاهره أنّه همٌّ حصل مع نكث أيمانهم وأن المراد إخراج الرسول من المدينة ، أي نفيه عنها لأن إخراجه من مكّة أمر قد مضى منذ سنين ، ولأنّ إلجاءه إلى القتال لا يعرف إطلاق الإخراج عليه فالظاهر أنّ همّهم هذا أضمروه في أنفسهم وعلمه الله تعالى ونبّه المسلمين إليه .

وهو أنّهم لمّا نكثوا العهد طمعوا في إعادة القتال وتوهّموا أنفسهم منصورين وأنّهم إن انتصروا أخرجوا الرسول عليه الصلاة والسلام من المدينة .

و ( الهم ) هو العزم على فعل شيء ، سواء فعله أم انصرف عنه . ومؤاخذتهم في هذه الآية على مجرّد الهمّ بإخراج الرسول تدلّ على أنّهم لم يخرجوه ، وإلاّ لكان الأجدر أن ينعى عليهم الإخراج لا الهمّ به ، كما في قوله : { إذ أخرجه الذين كفروا } [ التوبة : 40 ] وتدلّ على أنّهم لم يرجعوا عمّا همّوا به إلاّ لِمَا حيل بينهم وبين تنفيذه ، فعن الحسن : همّوا بإخراج الرسول من المدينة حين غزوْه في أحد وحين غزوا غزوة الأحزاب ، أي فكفاه الله سوء ما همّوا به ، ولا يجوز أن يكون المراد إخراجه من مكة للهجرة لأنّ ذلك قد حدث قبل انعقاد العهد بينهم وبين المسلمين في الحديبية ، فالوجه عندي : أنّ المعنيَّ بالذين هَمّوا بإخراج الرسول قبائل كانوا معاهدين للمسلمين ، فنكثوا العهد سنة ثمان ، يوم فتح مكة ، وهمّوا بنجدة أهل مكة يوم الفتح ، والغدر بالنَّبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين ، وأن يأتوهم وهم غارون ، فيكونوا هم وقريش ألباً واحداً على المسلمين ، فيُخرجون الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين من مكة ، ولكنّ الله صرفهم عن ذلك بعد أن همّوا ، وفضح دخيلتهم للنبيء صلى الله عليه وسلم وأمره بقتالهم ونبذِ عهدهم في سنة تسع ، ولا ندري أقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية أم كان إعلان الأمر بقتالهم ( وهم يعلمون أنهم المراد بهذا الأمر ) سبباً في إسلامهم وتوبة الله عليهم ، تحقيقاً للرجاء الذي في قوله : { لعلهم ينتهون } [ التوبة : 12 ] ولعل بعض هؤلاء كانوا قد أعلنوا الحرب على المسلمين يوم الفتح ناكثين العهد ، وأمدّوا قريشاً بالعدد ، فلمّا لم تنشب حرب بين المسلمين والمشركين يومئذٍ أيسوا من نصرتهم فرجعوا إلى ديارهم ، وأغضى النبي صلى الله عليه وسلم عنهم ، فلم يؤاخذهم بغدْرهم ، وبقي على مراعاة ذلك العهد ، فاستمرّ إلى وقت نزول هذه الآية ، وذلك قوله : { وهم بدوءكم أول مرة } أي كانوا البادئين بالنكث ، وذلك أنّ قريشاً انتصروا لأحلافهم من كنانة ، فقاتلوا خزاعة أحلاف المسلمين .

و { أول مرة } نَصْب على المصدرية . وإضافة { أول } إلى { مرة } من إضافة الصفة إلى الموصوف . والتقدير : مرة أولى والمرّة الوَحدة من حدث يحدث ، فمعنى { بدءوكم أول مرة } بدأوكم أوّل بدء بالنكث ، أي بَدْءا أولَ ؛ فالمَرّة اسم مبهم للوحدة من فعل ما ، والأغلب أن يفسر إبهامه بالمقام ، كما هنا ، وقد يفسّره اللفظ .

و { أوّل } اسم تفضيل جاء بصيغة التذكير ، وإن كان موصوفه مؤنّثاً لفظاً ، لأن اسم التفضيل إذا أضيف إلى نكرة يلازم الإفراد والتذكير بدلالة المضاف إليه ويقال : ثاني مرة وثالث مرّة .

والمقصود من هذا الكلام تهديدهم على النكث الذي أضمروه ، وأنّه لا تسامح فيه .

وعلى كلّ فالمقصود من إخراج الرسول عليه الصلاة والسلام : إمّا إخراجه من مكة منهزماً بعدَ أن دخلها ظافراً ، وإمّا إخراجه من المدينة بعد أن رجع إليها عقب الفتح ، بأن يكونوا قد همّوا بغزو المدينة وإخراج الرسول والمسلمين منها وتشتيت جامعة الإسلام .

وجملة { أتخشونهم } بدل اشتمال من جملة { ألا تقاتلون } فالاستفهام فيها إنكار أو تقرير على سبب التردّد في قتالهم ، فالتقدير : أينتفي قتالكم إيّاهم لَخشيكم إياهم ، وهذا زيادة في التحريض على قتالهم .

وفُرّع على هذا التقرير جملة { فالله أحق أن تخشوه } أي فالله الذي أمركم بقتالهم أحقّ أن تخشوه إذا خطر في نفوسكم خاطر عدم الامتثال لأمره ، إن كنتم مؤمنين ، لأنّ الإيمان يقتضي الخشية من الله وعدم التردّد في نجاح الامتثال له .

وجيء بالشرط المتعلّق بالمستقبل ، مع أنّه لا شكّ فيه ، لقصد إثارة همّتهم الدينية فيبرهنوا على أنّهم مؤمنون حقّا يقدمون خشية الله على خشية الناس .