محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (13)

ثم حض على قتالهم بتهييج قلوب المؤمنين وإغرائهم بقوله سبحانه .

13 { ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين }

{ ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم } أي التي حلفوها في المعاهدة { وهموا بإخراج الرسول } يعني من مكة حين اجتمعوا في دار الندوة ، حسبما ذكر في قوله تعالى{[4485]} { وإذ يمكر بك الذين كفروا } فيكون نعيا عليهم جنايتهم القديمة { وهم بدءوكم أول مرة } أي بالقتال يوم بدر ، حين خرجوا لنصر غيرهم فلما نجت وعلموا بذلك ، استمروا على وجوههم طلبا للقتال ، بغيا وتكبرا . وقيل : بنقضهم العهد وقتالهم مع حلفائهم بني بكر لخزاعة ، أحلاف الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عام الفتح وكان ما كان . قاله ابن كثير .

وقال الزمخشري : أي وهم الذين كانت منهم البداءة بالمقاتلة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءهم أولا بالكتاب المنير ، وتحداهم به ، فعدلوا عن المعارضة ، لعجزهم عنها ، إلى القتال فهم البادئون بالقتال ، والبادئ أظلم . فما يمنعكم من أن تقاتلوهم بمثله ، وأن تصدموهم بالشر كما صدموكم { أتخشونهم } أي أتخافون أن ينالكم منهم مكروه حتى تتركوا قتالهم { فالله أحق أن تخشوه } بمخالفة أمره وترك قتالهم { إن كنتم مؤمنين } يعني أن قضية الإيمان الصحيح أن لا يخشى المؤمن إلا ربه ، ولا يبالي بمن سواه ، كقوله تعالى{[4486]} { ولا يخشون أحدا إلا الله } - قاله الزمخشري - وفيه من التشديد ما لا يخفى .


[4485]:8 / الأنفال / 30.
[4486]:33 / الأحزاب / 39.