ثم شرع في ذكر سائر الأسباب المحرّضة على القتال فقال { ألا تقاتلون } قال أهل المعاني : إذا قلت : ألا تفعل كذا . فإنما يستعمل ذلك في فعل مقدر وجوده . وإذا قلت : ألست تفعل تقول في ذلك في فعل تحقيق وجوده . والفرق أن «لا » ينفي بها المستقبل فإذا دخلت عليه الألف صار تحضيضاً على فعل ما يستقبل و «ليس » مستعمل في نفي الحال فإذا دخلت عليه الألف صار لتحقيق الحال . قال ابن إسحاق والسدي والكلبي : نزلت في كفار مكة نكثوا أيمانهم بعد عهد الحديبية وأعانوا بني بكر على خزاعة وهموا بإخراج الرسول من مكة حتى هاجر أو من المدينة . يريد اليهود هموا بإخراجه منها ونكثوا عهده وظاهروا أبا سفيان عليه صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب . وقيل : همت قريش يوم الحديبية بأن يدخلوه صلى الله عليه وسلم مكة ثم يخرجوه قبل أن يتم حجه استخفافاً به صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا أريد بالهم العزم على الفعل وإن لم يوجد { وهم بدؤكم أول مرّة } بالقتال يعني يوم بدر لأنهم حين سلم العير قالوا : لا ننصرف حتى نستأصل محمداً ومن معه . أو المراد أنهم قاتلوا حلفاءه من خزاعه ، أو المراد أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءهم أولاً بالكتاب المنير وتحداهم به فعدلوا عن المعارضة لعجزهم عنها إلى المقاتلة والبادئ أظلم . والحاصل أن من كان في مثل صفاتهم من نكث العهد وإخراج الرسول والبدء للقتال حقيق بأن لا تترك مقاتلته وأن يوبخ من فرط فيها . ثم زاد في التوبيخ فقال فيه { أتخشونهم } تقريراً للخشية منهم وتقوية لداعية القتال كما إذا قلت للرجل : أتخشى خصمك لأنه يستنكف أن ينسب إلى كونه خائفاً من خصمه . ثم بيّن ما يجب أن يكون الأمر عليه قائلاً { فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } يعني أن قضية الإيمان الصحيح أن لا يخشى المؤمن إلا الله ، لأن قدرته أتم وعقابه أشدّ بل لا قدرة إلا له ولا يكون إلا ما يريد . وفي الفاء نوع من تعليل لأن الاستفهام في معنى النهي كأنه قيل : لا تخشوهم لأن الله أحق بالخشية وأحرى بالطاعة ، وفيه نوع مجازاة كأنه قيل : إن صح أنكم مؤمنون فلا تخشوا إلا الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.