معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (3)

قوله تعالى : { لعلك باخع } قاتل { نفسك أن لا يكونوا مؤمنين } أي : إن لم يؤمنوا ، وذلك حين كذبه أهل مكة فشق عليه ذلك ، وكان يحرص على إيمانهم ، فأنزل الله هذه الآية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (3)

فكان يحزن حزنا شديدا ، على عدم إيمانهم ، حرصا منه على الخير ، ونصحا لهم .

فلهذا قال تعالى عنه : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } أي : مهلكها وشاق عليها ، { أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } أي : فلا تفعل ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، فإن الهداية بيد الله ، وقد أديت ما عليك من التبليغ .

وليس فوق هذا القرآن المبين آية ، حتى ننزلها ، ليؤمنوا [ بها ] ، فإنه كاف شاف ، لمن يريد الهداية . ولهذا قال : { إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (3)

وبعد هذا التنبيه يبدأ في مخاطبة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] الذي يهمه أمر المشركين ويؤذيه تكذيبهم له وللقرآن الكريم ؛ فيسليه ويهون عليه الأمر ؛ ويستكثر ما يعانيه من أجلهم ؛ وقد كان الله قادرا على أن يلوي أعناقهم كرها إلى الإيمان ، بآية قاهرة تقسرهم عليه قسرا :

( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ! إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) .

وفي التعبير ما يشبه العتب على شدة ضيقه [ صلى الله عليه وسلم ] وهمه بعدم إيمانهم : ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) . . وبخع النفس قتلها . وهذا يصور مدى ما كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يعاني من تكذيبهم ، وهو يوقن بما ينتظرهم بعد التكذيب ، فتذوب نفسه عليهم - وهم أهله وعشيرته وقومه - ويضيق صدره .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (3)

وقوله : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ } أي : مهلك { نفسك } أي : مما تحرص [ عليهم ]{[21691]} وتحزن عليهم { أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } ، وهذه تسلية من الله لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، في عدم إيمان مَنْ لم يؤمن به من الكفار ، كما قال تعالى : { فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [ فاطر : 8 ] ، وقال : { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا } [ الكهف : 6 ] .

قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، وعطية ، والضحاك : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } أي : قاتل نفسك . قال الشاعر{[21692]} :

ألا أيّهذاَ البَاخعُ الحُزنُ نفسَه *** لشيء{[21693]} نَحَتْهُ عَنْ يَدَيه الَمقَادِرُ


[21691]:- زيادة من ف ، أ.
[21692]:- هو ذو الرمة ، والبيت في تفسير الطبري (19/37).
[21693]:- في ف : "بشيء".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (3)

وقوله { لعلك } الآية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم لما كان من القلق والحرص على إيمانهم فكان من شغل البال في حيز الخوف على نفسه ، و «الباخع » القاتل والمهلك بالهم قاله ابن عباس والناس ومن ذلك قول ذي الرمة [ الطويل ]

ألا أيها ذا الباخع الوجد نفسه . . . لشيء نحته عن يديه المقادير{[8900]}

وخوطب ب { لعل } على ما في نفوس البشر من توقع الهلاك في مثل تلك الحال ، ومعنى الآية أي لا تهتم يا محمد بهم وبلغ رسالتك وما عليك من إيمانهم فإن ذلك بيد الله . لو شاء لآمنوا ، وقوله «أن لا » مفعول من أجله .


[8900]:البيت في الديوان، واستشهد به أبو عبيدة في مجاز القرآن، وذكره في (اللسان- بخع) قال: بخع نفسه يبخعها بخعا وبخوعا: قتلها غيظا أو غما، ونحته: عدلته وصرفته وأبعدته عن يديه. يريد: نحته فخفف.