معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

قوله تعالى : { فإن زللتم } . أي ضللتم ، وقيل : ملتم ، يقال : زلت قدمه تزل زلاً وزللاً ، إذا دحضت ، قال ابن عباس : يعني الشرك ، قال قتادة : قد علم الله أنه سيزل زالون من الناس فتقدم في ذلك وأوعد فيه ليكون لديه الحجة عليه .

قوله تعالى : { من بعد ما جاءتكم البينات } . أي الدلالات الواضحات .

قوله تعالى : { فاعلموا أن الله عزيز } . في نقمته .

قوله تعالى : { حكيم } . في أمره ، فالعزيز : هو الغالب الذي لا يفوته شيء ، والحكيم : ذو الإصابة في الأمر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

ولما كان العبد لا بد أن يقع منه خلل وزلل ، قال تعالى : { فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ } أي : على علم ويقين { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

وفيه من الوعيد الشديد ، والتخويف ، ما يوجب ترك الزلل ، فإن العزيز القاهر{[135]}  الحكيم ، إذا عصاه العاصي ، قهره بقوته ، وعذبه بمقتضى حكمته فإن من حكمته ، تعذيب العصاة والجناة .


[135]:- في ب: العزيز المقام.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

204

ثم يخوفهم عاقبة الزلل بعد البيان :

( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم ) . .

وتذكيرهم بأن الله( عزيز )يحمل التلويح بالقوة والقدرة والغلبة ، وأنهم يتعرضون لقوة الله حين يخالفون عن توجيهه . . وتذكيرهم بأنه( حكيم ) . . فيه إيحاء بأن ما اختاره لهم هو الخير ، وما نهاهم عنه هو الشر ، وأنهم يتعرضون للخسارة حين لا يتبعون أمره ولا ينتهون عما نهاهم عنه . . فالتعقيب بشطريه يحمل معنى التهديد والتحذير في هذا المقام . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

وقوله : { فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ } أي : عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحُجَجُ ، فاعلموا أن الله عزيز [ أي ]{[3721]} في انتقامه ، لا يفوته هارب ، ولا يَغلبه غالب . حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه ؛ ولهذا قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس : عزيز في نقمته ، حكيم في أمره . وقال محمد بن إسحاق : العزيز في نصره ممن كفر به إذا شاء ، الحكيم في عذره وحجته إلى عباده .


[3721]:زيادة من جـ، ط، أ، و.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِن زَلَلْتُمْ مّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ الْبَيّنَاتُ فَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أخطأتم الحق ، فضللتم عنه ، وخالفتم الإسلام وشرائعه ، من بعدما جاءتكم حججي ، وبينات هداي ، واتضحت لكم صحة أمر الإسلام بالأدلة التي قطعت عذركم أيها المؤمنون ، فاعلموا أن الله ذو عزّه ، لا يمنعه من الانتقام منكم مانع ، ولا يدفعه عن عقوبتكم على مخالفتكم أمره ومعصيتكم إياه دافع ، حكيم فيما يفعل بكم من عقوبته على معصيتكم إياه بعد إقامته الحجة عليكم ، وفي غيره من أموره .

وقد قال عدد من أهل التأويل : إن البينات هي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . وذلك قريب من الذي قلنا في تأويل ذلك ، لأن محمدا صلى الله عليه وسلم والقرآن من حجج الله على الذين خوطبوا بهاتين الاَيتين . غير أن الذي قلناه في تأويل ذلك أولى بالحقّ ، لأن الله جل ثناؤه ، قد احتجّ على من خالف الإسلام من أخبار أهل الكتاب بما عهد إليهم في التوراة والإنجيل وتقدم إليه على ألسن أنبيائهم بالوصاة به ، فذلك وغيره من حجج الله تبارك وتعالى عليهم مع ما لزمهم من الحجج بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن فلذلك اخترنا ما اخترنا من التأويل في ذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله : فإنْ زَلَلْتُمْ :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في قوله : فإنْ زَلَلْتُمْ يقول : فإن ضللتم .

وحدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : فإنْ زَلَلْتُمْ قال : والزلل : الشرك .

ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله : مِنْ بَعْدَ ما جاءَتْكُمْ البَيّناتُ :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : مِنْ بَعْد ما جاءَتْكُمْ البَيّناتُ يقول : من بعد ما جاءكم محمد صلى الله عليه وسلم .

وحدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج : فإنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمْ البَيّناتُ قال : الإسلام والقرآن .

وحدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : فاعْلَمُوا أنّ اللّهَ عَزيزٌ حَكِيمُ يقول : عزيز في نقمته ، حكيم في أمره .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

{ فإن زللتم } عن الدخول في السلم . { من بعد ما جاءتكم البينات } الآيات والحجج الشاهدة على أنه الحق . { فاعلموا أن الله عزيز } لا يعجزه الانتقام . { حكيم } لا ينتقم إلا بحق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 209 )

قرأ جمهور الناس «زلَلتم » بفتح اللام ، وقرأ أبو السمال «زلِلتم » بكسرها ، وأصل الزلل في القدم ثم يستعمل في الاعتقادات والآراء ويغير ذلك ، والمعنى ضللتم وعجتم( {[1953]} ) عن الحق ، و { البينات } محمد وآياته ومعجزاته إذا كان الخطاب أولاً لجماعة المؤمنين ، وإذا كان الخطاب لأهل الكتابين ، فالبينات ما ورد في شرائعهم من الإعلام بمحمد صلى الله عليه وسلم والتعريف به ، و { عزيز } صفة مقتضية أنه قادر عليكم لا تعجزونه ، ولا تمتنعون منه ، و { حكيم } أي محكم فيما يعاقبكم به لزللكم .

وحكى النقاش أن كعب الأحبار لما أسلم كان يتعلم القرآن ، فأقرأه الذي كان يعلمه : فاعلموا أن الله غفور رحيم ، فقال كعب : إني لأستنكر( {[1954]} ) أن يكون هكذا ، ومر بهما رجل ، فقال كعب : كيف تقرأ هذه الآية ؟ فقرأ الرجل : { فاعلموا أن الله عزيز حكيم } ، فقال كعب : هكذا ينبغي( {[1955]} ) .


[1953]:- يقال: عاج عن الأمر: انصرف – ويقال: ما عاج بكلام فلان: ماالتفت إليه ولا اكترث به – المعجم الوسيط.
[1954]:- لأن فيه مقابلة الزلل بالغفران، وذلك إغراء وتحريض على الزلل.
[1955]:- أي لأن العزة تقتضي القدرة على الانتقام. والحكمة تقتضي وضع الجزاء في محله.