فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

{ فإن زللتم } أي تنحيتم عن طريق الاستقامة ، وأصل الزلل في القدم ثم استعمل في الاعتقادات والآراء وغير ذلك ، يقال زل يزل زلا ، وزلولا أي دحضت قدمه ، والمعنى فإن ملتم وضللتم وأشركتم وعرجتم عن الحق .

{ من بعد ما جاءتكم البينات } أي بالحجج الواضحة والبراهين الصحيحة على أن الدخول في الإسلام هو الحق { فاعلموا أن الله عزيز } غالب لا يعجزه شيء عن الانتقام { حكيم } لا ينتقم إلا لحق ، وفي هذه الآية وعيد وتهديد لمن في قلبه شك ونفاق أو عنده شبهة في الدين . {[199]}


[199]:حكى النقاش أن كعب الأحبار لما أسلم كان يتعلم القرآن. فأقرأه الذي كان يعلمه {فاعلموا إن الله غفور رحيم} فقال كعب: إني لأستنكر أن يكون هكذا ومر بهما رجل فقال كعب: كيف تقرأ هذه الآية. فقال الرجل: {فاعلموا أن الله عزيز حكيم} فقال كعب: هكذا ينبغي. في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده لا سمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.