غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (209)

204

قوله { فإن زللتم } المخاطبون ههنا هم المخاطبون في قوله { ادخلوا } فيجيء الخلاف ههنا بحسب الخلاف هناك . والمعنى العام : فإن دحضت أقدامكم وانحرفتم عن الطريق الذي أمرتم به { من بعد ما جاءتكم البينات } الدلائل العقلية والسمعية على أن ما دعيتم إلى الدخول فيه هو الحق { فاعلموا أن الله عزيز } غالب لا يعجزه الانتقام منكم وهذه نهاية في الوعيد كما لو قال الوالد لولده : إن عصيتني فأنت عارف بي وبشدّة سطوتي . كان أبلغ في الزجر من التصريح بضرب من ضروب العذاب . وكما أن قوله { عزيز } يشتمل على الوعيد البليغ فقوله { حكيم } يشتمل على الوعد الحسن . فإن اللائق بالحكمة تمييز المحسن من المسيء وأن لا يسوّي بينهما في الثواب والعقاب . روي أن قارئاً قرأ غفور رحيم فسمعه أعرابي فأنكره ولم يقرأ القرآن وقال : إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا . الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه يكون إغراء عليه .

/خ210