معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

قوله تعالى : { لينذر } قرأ أهل المدينة والشام ويعقوب ( ( لتنذر ) ) بالتاء وكذلك في الأحقاف وافق ابن كثير في الأحقاف ، أي : لتنذر يا محمد ، وقرأ الآخرون بالياء ، أي : لينذر القرآن ، { من كان حياً } يعني : مؤمناً حي القلب ، لأن الكافر كالميت في أنه لا يتدبر ولا يتفكر ، { ويحق القول } وتجب حجة العذاب . { على الكافرين* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

{ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا } أي : حي القلب واعيه ، فهو الذي يزكو على هذا القرآن ، وهو الذي يزداد من العلم منه والعمل ، ويكون القرآن لقلبه بمنزلة المطر للأرض الطيبة الزاكية . { وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } لأنهم قامت عليهم به حجة اللّه ، وانقطع احتجاجهم ، فلم يبق لهم أدنى عذر وشبهة يُدْلُونَ بها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

( لينذر من كان حياً ، ويحق القول على الكافرين ) . .

ويضع التعبير القرآني الكفر في مقابل الحياة . فيجعل الكفر موتاً ، ويجعل استعداد القلب للإيمان حياة . ويبين وظيفة هذا القرآن بأنه نزل على الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لينذر من به حياة . فيجدي فيهم الإنذار ، فأما الكافرون فهم موتى لا يسمعون النذير ؛ وظيفة القرآن بالقياس إليهم هي تسجيل الاستحقاق للعذاب ، فإن الله لا يعذب أحداً حتى تبلغه الرسالة ثم يكفر عن بينة ويهلك بلا حجة ولا معذرة !

وهكذا يعلم الناس أنهم إزاء هذا القرآن فريقان : فريق يستجيب فهو حي . وفريق لا يستجيب فهو ميت ويعلم هذا الفريق أن قد حق عليه القول ، وحق عليه العذاب !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

وقوله : لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيّا يقول : إن محمد إلا ذكر لكم لينذر منكم أيها الناس من كان حيّ القلب ، يعقل ما يقال له ، ويفهم ما يُبيّن له ، غير ميت الفؤاد بليد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن رجل ، عن أبي رَوْق ، عن الضحاك ، في قوله : لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيّا قال : من كان عاقلاً .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيّا : حيّ القلب ، حيّ البصر .

قوله : وَيَحِقّ القَوْلُ على الكافِرِينَ يقول : ويحقّ العذاب على أهل الكفر بالله ، المولّين عن اتباعه ، المعرضين عما أتاهم به من عند الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَيحِقّ القَوْلُ على الكافِرِينَ بأعمالهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

ويتعلق قوله : { لِتْنذِرَ } بقوله : { عَلَّمْناهُ } باعتبار ما اتصل به من نفي كونه شعراً ثم إثباتتِ كونه ذكراً وقرآناً ، أي لأن جملة { إن هو إلا ذكر } بيان لما قبلها في قوة أن لو قيل : وما علمناه إلا ذكراً وقرآناً مبيناً لينذر أو لتنذر . وجعلهُ ابن عطية متعلقاً ب { مُبِينٌ } .

وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب { لَتُنذِرَ } بتاء الخطاب على الالتفات من ضمير الغيبة في قوله : { عَلَّمْناهُ } إلى ضمير الخطاب . وقرأه الباقون بياء الغائب ، أي لينذر النبي الذي علمناه .

والإِنذار : الإِعلام بأمر يجب التوقي منه .

والحيّ : مستعار لكامل العقل وصائب الإِدراك ، وهذا تشبيه بليغ ، أي مَن كان مثل الحي في الفهم .

والمقصود منه : التعريض بالمُعرِضين عن دلائل القرآن بأنهم كالأموات لا انتفاع لهم بعقولهم كقوله تعالى : { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } [ النمل : 80 ] .

وعطف { ويَحِقَّ القولُ على الكافِرِينَ } على { لِتُنذِرَ } عطفَ المجاز على الحقيقة لأن اللام النائب عنه واو العطف ليس لام تعليل ولكنه لام عاقبة كاللام في قوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً } [ القصص : 8 ] . ففي الواو استعارة تبعية ، وهذا قريب من استعمال المشترك في معنييه . وفي هذه العاقبة احتباك إذ التقدير : لتنذر من كان حيّاً فيزداد حياة بامتثال الذكر فيفوز ومن كان ميتاً فلا ينتفع بالإِنذار فيحق عليه القول ، كما قال تعالى في أول السورة :

{ إنَّما تُنذِرُ مَن اتَّبَعَ الذِّكر وخَشِيَ الرحمن بالغيبِ فبشرْهُ بمغْفِرَةٍ وأجْرٍ كَرِيمٍ } [ يس : 11 ] ، فجمع له بين الإِنذار ابتداء والبشارة آخراً .

و { القول } : هو الكلام الذي جاء بوعيد من لم ينتفعوا بإنذار الرسول صلى الله عليه وسلم .

والمراد بالكافرين : المستمرون على كفرهم وإلا فإن الإِنذار ورد للناس أول ما ورد وكلهم من الكافرين .

وفي ذكر الإِنذار عوْد إلى ما ابتدئت به السورة من قوله : { لتنذر قوماً ما أُنذِرَ ءَاباؤُهم فهم غافِلُونَ } [ يس : 6 ] فهو كرد العجز على الصدر ، وبذلك تمّ مجال الاستدلال عليهم وإبطال شبههم وتخلص إلى الامتنان الآتي في قوله : { أوّلَمْ يَروا أنَّا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعَاماً } [ يس : 71 ] إلى قوله : { أفلا يشكرون } [ يس : 73 ] .