مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

قوله تعالى : { لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين }

قرئ بالتاء والياء ، بالتاء خطابا مع النبي صلى الله عليه وسلم وبالياء على وجهين أحدهما : أن يكون المنذر هو النبي صلى الله عليه وسلم حيث سبق ذكره في قوله : { وما علمناه } [ يس : 69 ] وقوله : { وما ينبغي له } [ يس : 69 ] . وثانيهما : أن يكون المراد أن القرآن ينذر والأول أقرب إلى المعنى والثاني : أقرب إلى اللفظ ، أما الأول : فلأن المنذر صفة للرسل أكثر ورودا من المنذر صفة للكتب وأما الثاني : فلأن القرآن أقرب المذكورين إلى قوله : { لينذر } وقوله : { من كان حيا } أي : من كان حي القلب ، ويحتمل وجهين أحدهما : أن يكون المراد من كان حيا في علم الله فينذره به فيؤمن الثاني : أن يكون المراد لينذر به من كان حيا في نفس الأمر ، أي من آمن فينذره بما على المعاصي من العقاب وبما على الطاعة من الثواب { ويحق القول على الكافرين } أما قول العذاب وكلمته كما قال تعالى : { ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } وقوله تعالى : { حقت كلمة العذاب } وذلك لأن الله تعالى قال : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } فإذا جاء حق التعذيب على من وجد منه التكذيب ، وأما القول المقول في الوحدانية والرسالة والحشر وسائر المسائل الأصولية الدينية فإن القرآن فيه ذكر الدلائل التي بها تثبت المطالب .