السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّٗا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (70)

إنما ذكر للأذكياء جداً وقوله تعالى : { لينذر } ضميره للنبي صلى الله عليه وسلم ويدل له قراءة نافع وابن عامر بالتاء الفوقية على الخطاب وقيل : للقرآن ويدل له قراءة الباقين بالياء التحتية على الغيبة ، واختلف في قوله تعالى { من كان حياً } على قولين : أحدهما : أن المراد به المؤمن ؛ لأنه حي القلب والكافر كالميت في أنه لا يتدبر ولا يتفكر قال تعالى { أوَ من كان ميتاً فأحييناه } ( الأنعام : 122 ) .

والثاني : المراد به العاقل فهماً فيعقل ما يخاطب به فإن الغافل كالميت { ويحق } أي : يجب ويثبت { القول } أي : العذاب { على الكافرين } أي : العريقين في الكفر فإنهم أموات في الحقيقة وإن رأيتهم أحياء ، ويمكن أن تكون هذه الآية من الاحتباك حذف الإيمان أولاً لما دل عليه من ضده ثانياً ، وحذف الموت ثانياً لما دل عليه من ضده أولاً ، وأفرد الضمير في الأول على اللفظ إشارة إلى قلة السعداء ، وجمع في الثاني على المعنى إعلاماً بكثرة الأشقياء .