معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

قوله تعالى : { نسارع لهم في الخيرات } أي : نعجل لهم في الخيرات ، ونقدمها ثواباً لأعمالهم لمرضاتنا عنهم ، { بل لا يشعرون } أن ذلك استدراج لهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

{ بَل لَا يَشْعُرُونَ } أنما نملي لهم ونمهلهم ونمدهم بالنعم ، ليزدادوا إثما ، وليتوفر عقابهم في الآخرة ، وليغتبطوا بما أوتوا { حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

53

ويأخذ في التهكم عليهم والسخرية من غفلتهم ، إذ يحسبون أن الإملاء لهم بعض الوقت ، وإمدادهم بالأموال والبنين في فترة الاختبار ، مقصود به المسارعة لهم في الخيرات وإيثارهم بالنعمة والعطاء :

( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات ? )

وإنما هي الفتنة ، وإنما هو الابتلاء :

( بل لا يشعرون ) . .

لا يشعرون بما وراء المال والبنين من مصير قاتم ومن شر مستطير !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

وقوله : أيَحْسَبُونَ أنّما نُمِدّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينٍ يقول تعالى ذكره : أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين فرقوا دينهم زُبُرا ، أن الذي نعطيهم في عاجل الدنيا من مال وبنين نُسارِعُ لَهُمْ يقول : نسابق لهم في خيرات الاَخرة ، ونبادر لهم فيها ؟ و «ما » من قوله : أنّمَا نُمِدّهُمْ بهِ نصب ، لأنها بمعنى «الذي » . بَلْ لا يَشْعُرُونَ يقول تعالى ذكره تكذيبا لهم : ما ذلك كذلك ، بل لا يعلمون أن إمدادي إياهم بما أمدّهم به من ذلك ، إنما هو إملاء واستدراج لهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أنّمَا نُمِدّهُمْ قال : نعطيهم ، نسارع لهم ، قال : نَزيدهم في الخير ، نُمْلي لهم ، قال : هذا لقريش .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمر بن عليّ ، قال : ثني أشعث بن عبد الله ، قال : حدثنا شعبة ، عن خالد الحذّاء ، قال : قلت لعبد الرحمن بن أبي بكرة ، قول الله : نُسارِعُ لَهُمُ فِي الخَيْرَاتِ ؟ قال : يسارع لهم في الخيرات .

وكأن عبد الرحمن بن أبي بكرة وجه بقراءته ذلك كذلك ، إلى أن تأويله : يسارع لهم إمدادنا إياهم بالمال والبنين في الخيرات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

قوله { نسارع } بنون العظمة ، وفي الكلام على هذه القراءة ضمير عائد تقديره لهم به{[8502]} ، وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة{[8503]} «يسارِع » بالياء من تحت وكسر الراء بمعنى أَن إمدادنا يسارع ولا ضمير مع هذه القراءة إلا ما يتضمن الفعل{[8504]} ، وروي عن أَبي بكرة المذكور «يسارَع » بفتح الراء ، وقرأ الحر النحوي «نسرع » بالنون وسقوط الألف ، و { الخيرات } هنا يعم الدنيا ، وقوله { بل لا يشعرون } وعيد وتهديد ، والشعور مأخوذ من الشعار وهو ما يلي الإنسان من ثيابه .


[8502]:وقد حذفت "به" للعلم بها، وهذا كما حذف الضمير في قولهم: "السمن منوان بدرهم، وكأن [به] المتقدمة في الصلة من قوله تعالى: {نمدهم به} قد صارت عوضا أو مغنية عن الثانية.
[8503]:هو عبد الرحمن بن أبي بكر الثقفي، أول مولود بالبصرة، روى عن أبيه، وروى عنه ابن سيرين وجماعة، وثقه ابن حجر العسقلاني، من الثانية، واسمه نفيع ـ بالتصغير ـ ابن الحارث. مات سنة ست وثلاثين، وقيل: بل سنة ست وثلاثين بعد المائة. (تهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، وخلاصة تذهيب الكمال).
[8504]:أي: لا حاجة إلى تقدير الضمير، لأن في الفعل ضميرا يعود على [ما] في قوله تعالى: {أنما نمدهم به}. قال ذلك أبو الفتح ابن جني في المحتسب.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

المسارعة : التعجيل ، وهي هنا مستعارة لتوخي المرغوب والحرص على تحصيله . وفي حديث عائشة أنها قالت للنبيء صلى الله عليه وسلم « ما أرى ربك إلا يسارع في هواك » أي يعطيك ما تحبه لأن الراغب في إرضاء شخص يكون متسارعاً في إعطائه مرغوبه ، ويقال : فلان يجري في حظوظك . ومتعلق { نسارع } محذوف تقديره : نسارع لهم به ، أي بما نمدهم به من مال وبنين . وحذف لدلالة { نمدهم به } عليه .

وظرفية ( في ) مجازية . جعلت { الخيرات } بمنزلة الطريق يقع فيه المسارعة بالمشي فتكون ( في ) قرينة مكنية . وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : { يا أيها الرسول لا يُحزنك الذين يسارعون في الكفر } [ المائدة : 41 ] وقوله : { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم } [ المائدة : 52 ] كلاهما في سورة العقود ، وقوله : { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات } في سورة الأنبياء ( 90 ) .

والخيرات : جمع خير بالألف والتاء ، وهو من الجموع النادرة مثل سرادقات . وقد تقدم عند قوله تعالى : { وأولئك لهم الخيرات } في سورة براءة ( 88 ) ، وتقدم في سورة الأنبياء ( 73 90 ) .

و ( بل ) إضراب عن المظنون لا على الظن كما هو ظاهر بالقرينة ، أي لسنا نسارع لهم بالخيرات كما ظنوا بل لا يشعرون بحكمة ذلك الإمداد وأنها لاستدراجهم وفضحهم بإقامة الحجة عليهم .