تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

الآيتان 55 و 56 : وقوله تعالى{ أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين }{ نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون }حسب أولئك الكفرة أن ما أمد لهم الله من الأموال والبنين وما{[13441]} أعطى لهم أن ما أعطى خيرا وبرا ، لا شرا . فأخبر عز وجل وكذبهم في حسابهم الذي حسبوا ، فقال : { بل لا يشعرون }أنه إنما أعطى لهم ذلك شرا وإثما . فعلى ما حسب أولئك الكفرة في ما أعطوا من الأموال والبنين إنما أعطوا خيرا .

حسب المعتزلة في قولهم : أن الله تعالى لا يفعل بأحد من الخلق إلا ما هو أصلح لهم في الدين ، فأخبر عز وجل أن ذلك ليس بخير لهم في الدين ، ولا أصلح لهم ، وهو ما ذكر في قوله : { إنما نملي لهم ليزدادوا إثما }( آل عمران : 178 ) وهم يقولون : إنما نملي لهم ليزدادوا خيرا وبرا . وكذلك قالوا في قوله : { فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها }( التوبة : 55 و 85 ) وهم يقولون : لا بل إنما أراد ليرحمهم بها . فيقال لهم : أأنتم أعلم أم الله كما قال لأولئك الكفرة حين قال : { قل آأنتم أعلم أم الله } ؟ ( البقرة : 140 ) إلا أن يكابروا .

وقوله{[13442]} تعالى : { بل لا يشعرون } لما أنهم قالوا ذلك على الظن والحسبان لا على العلم حين{[13443]} قال : { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنينّ فقال : { بل لا يشعرون حين{[13444]} قالوا ذلك ظنا وحسبانا . وإنما الواجب عليهم أن يعلموا ذلك علم إحاطة ويقين .

فجواب هذا أن يقال : إن عندهم أن ذلك إنما أعطي لهم ، وأملي خيرا وبرا لهم ، فكانوا على يقين من ذلك وإحاطة عند أنفسهم ، وإنما ذلك الظن والحسبان لهم مما عند الله ، وإلا كانوا على حقيقة العلم عند أنفسهم أنه إنما أعطاهم ، وأمد لهم خيرا . فأكذبهم الله في ذلك ، ورد عليهم قولهم أنه إنما أعطاهم ذلك لما ذكروا ، بل أخبر أن ما أعطاهم لمضادة ذلك .


[13441]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[13442]:في الأصل وم: في قوله.
[13443]:في الأصل وم :حيث.
[13444]:في الأصل وم :حيث.