الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} (56)

سلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بذلك ، ونهى عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخيره . وقرىء : «يمدّهم » ويسارع ، ويسرع ، بالياء ، والفاعل الله سبحانه وتعالى . ويجوز في : يسارع ، ويسرع : أن يتضمن ضمير الممدّ به . ويسارع ، مبنياً للمفعول . والمعنى : أنّ هذا الإمداد ليس إلا استدراجاً لهم إلى المعاصي ، واستجراراً إلى زيادة الإثم ، وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات ، وفيما لهم فيه نفع وإكرام ، ومعاجلة بالثواب قبل وقته . ويجوز أن يراد في جزاء الخيرات كما يفعل بأهل الخير من المسلمين . و { بَل } استدراك لقوله : { أَيَحْسَبُونَ } يعني : بل هم أشباه البهائم لا فطنة بهم ولا شعور ، حتى يتأملوا ويتفكروا في ذلك : أهو استدراج ، أم مسارعة في الخير ؟

فإن قلت : أين الراجع من خبر أنّ لها اسمها إذا لم يستكن فيه ضميره ؟ قلت : هو محذوف تقديره : نسارع به ، ويسارع به ، ويسارع الله به ، كقوله : { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور } [ الشورى : 43 ] أي إن ذلك منه ، وذلك لاستطالة الكلام مع أمن الإلباس .